Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 41-45)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { أم لهم شركاء } توبيخ لهؤلاء الكفار وإنكار عليهم إتخاذ إله مع الله وتوجيه عبادتهم اليه ، فقال { أم لهم شركاء } في العبادة مع الله { فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين } أي شركاؤهم الذين تفوم بهم الحجة ، فلا سبيل لهم إلى ذلك فالحجة لازمة عليهم لأن كل دعوى لم يمكن صاحبها أن يقيم البينة عليها فيلزمه أن يقيمها بغيره . والشريك عبارة عمن يختص بمعنى هو له ولغيره من غير إنفراد به . وإنما قلنا من غير إنفراد به لنفرق بين ما هو له ولغيره هو له ايضاً كالغفران هو لهذا التائب ولتائب آخر ، ولهذا التائب مطلقاً ، فليس فيه شريك ، وكذلك هذا العبد هو ملك لله تعالى ، ولهذا المولى ، وهو لله على الاطلاق ، فليس في هذا شركة وإنما قيل الشركاء في الدعوى ، لانها مما لو انفرد بعضهم عن ان يدعيها لم يدعها الآخر ، كأنهم تعاونوا عليها ، فعلى هذا يحتمل أن يكون المعنى في الآية أم لهم شركاء يدعون مثل ما يدعيه هؤلاء الكفار ، فليأتوا بهم إن كانوا صادقين أي شركاءهم الذين تقوم بهم الحجة ، ولا سبيل لهم إلى ذلك فهو لازم عليهم . وقوله { يوم يكشف عن ساق } قال الزجاج : هو متعلق بقوله { فليأتوا بشركائهم … يوم يكشف عن ساق } وقال ابن عباس والحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة والضحاك : معنا يوم يبدو عن الامر الشديد كالقطيع من هول يوم القيامة . والساق ساق الانسان وساق الشجرة لما يقوم عليه بدنها وكل نبت له ساق فهو شجر قال الشاعر : @ للفتى عقل يعيش به حيث يهدي ساقه قدمه @@ فالمعنى يوم يشتد الامر كما يشتد ما يحتاج فيه إلى ان يقوم على ساق ، وقد كثر في كلام العرب حتي صار كالمثل فيقولون : قامت الحرب على ساق وكشفت عن ساق قال [ زهير بن جذيمة ] . @ فاذا شمرت لك عن ساقها فويهاً ربيع ولا تسأم @@ وقال جدّ ابي طرفة : @ كشفت لهم عن ساقها وبدا من الشر الصراح @@ وقال آخر : @ قد شمرت عن ساقها فشدوا وجدت الحرب بكم فجدوا والقوس فيها وتر غرد @@ وقوله { ويدعون إلى السجود } قيل : معناه إنه يقال لهم على وجه التوبيخ : اسجدوا { فلا يستطيعون } وقيل : معناه إن شدة الامر وصعوبة الحال تدعوهم إلى السجود ، وإن كانوا لا ينتفعون به . ثم قال { خاشعة أبصارهم } أي ذليلة ابصارهم لا يرفعون نظرهم عن الارض ذلة ومهانة { ترهقهم ذلة } معناه تغشاهم ذلة يقال : رهقه يرهقه رهقاً ، فهو راهق إذا غشيه ، ورهقه الفارس إذا أدركه ، وراهق الغلام إذا أدرك . وقوله { وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون } يعني دعاهم الله تعالى إلى السجود والخضوع له في دار الدنيا وزمان التكليف ، فلم يفعلوا ، فلا ينفعهم السجود فى ذلك الوقت . وقوله { فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } تهديد ، ومعناه ذرني والمكذبين أي اوكل أمرهم إلي كما يقول القائل : دعني وإياه . وقوله { سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } معناه سآخذهم إلى العقاب حالا بعد حال . وقوله { واملي لهم } أي واطيل آجالهم وأؤخرها { إن كيدي متين } أي قوي ، فكانه قال سنستدرج أعمالهم إلى عقابهم وإن أطلناها لهم نستخرج ما عندهم قليلا قليلا . وأصله من الدرجة ، لان الراقي ينزل منها مرقاة مرقاة فأشبه هذا . ووجه الحكمة فى ذلك أنهم لو عرفوا الوقت الذي يؤخذون فيه لكانوا آمنين إلى ذلك الوقت ، وصاروا مغربين بالقبيح ، والله تعالى لا يفعل ذلك .