Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 1-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ اهل البصرة والكسائي { ومن قبله } بكسر القاف . الباقون بفتحها . قال ابن عباس وقتادة والضحاك وابن زيد وغيرهم : إن الحاقة اسم من اسماء القيامة وسميت بذلك لانها الساعة التي يحق فيها الجزاء على الاعمال : الضلال والهدى . وقال الفراء : تقول العرب الحقة متى هربت والحقة والحاقة ، كل ذلك بمعنى واحد . والعامل في { الحاقة } أحد شيئين : احدهما - الابتداء ، والخبر { ما الحاقة } كأنه قال : الحاقة أى شيء هي . الثاني - أن يكون خبر ابتداء محذوف ، كأنه قيل هذه الحاقة ، ثم قيل أى شيء الحاقة ، تفخيماً لشأنها ، وتقديره هذه سورة الحاقة وقوله { ما أدراك ما الحاقة } قال سفيان : يقال للمعلوم ما أدراك ، ولما ليس بمعلوم : وما يدريك فى جميع القرآن . وإنما قال لمن يعلمها : ما أدراك لأنه إنما يعلمها بالصفة ، فعلى ذلك قال تفخيماً لشأنها أى كأنك لست تعلمها إذا لم تعاينها وترى ما فيها من الأهوال . وقوله { كذبت ثمود وعاد بالقارعة } اخبار من الله تعالى أن ثمود - وهم قوم صالح - وعاداً - وهم قوم هود - كذبوا بيوم القيامة فأنكروا البعث والنشور والثواب والعقاب . قال ابن عباس وقتادة : القارعة إسم من اسماء القيامة ، وسميت القارعة ، لأنها تقرع قلوب العباد بالمخافة إلى أن يصير المؤمنون إلى الأمن . وإنما حسن أن يوضع القارعة موضع الكنية لتذكر بهذه الصفة الهائلة بعد ذكرها بأنها الحاقة ، وإلا كان يكفي ان يقول : كذبت ثمود وعاد بها . وقوله الحاقة ، والطامة والصاخة ، اسماء يوم القيامة . والوقف على الحاقة حسن وأتم منه { ما الحاقة } و { ما أدراك } كل ما فى القرآن بلفظ الماضي ، فقد أدراه صلى الله عليه وآله ، وما كان بلفظ يدريه ، فلم يعلمه ، يقال : دريت الشيء دراية أى علمته ، ودريت الصيد أى ختلته ودرأته دفعته . ثم اخبر تعالى عن كيفية إهلاكهم ، فقال { فاما ثمود فأهلكوا بالطاغية } فالطاغية مصدر مثل العاقبة ، والمعنى فأهلكوا بطغيانهم - فى قول ابي عبيدة - وقيل : معناه أهلكوا بالخصلة المتجاوزة لحال غيرها فى الشدة ، أهلك الله تعالى بها اهل الفساد . وقد مضى فيما تقدم أن الله أهلك ثمود بالصيحة العظيمة التي اصبحوا بها جاثمين أى ميتين هالكين . قال الزجاج : تقديره فأهلكوا بالرجفة الطاغية . ثم اخبر تعالى عن كيفية هلاك عاد ، فقال { وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر } فالريح عبارة عن الهواء إذا كانت فيها حركة باعتماد ظاهرة فاذا سكن لا يسمى ريحاً واشتقاقه من راح يروح روحاً إذا رجع إلى منزله . والصرصر الريح الشديدة الصوت بما يسمع لها من الصرير فى شدة حركتها ، يقال : صرّ وصرصر ، كأنه مضاعف منه فالصرصر الشديد العصوف المجاوزة لحدّها المعروف وقال قتادة : صرصر باردة فكأنه يصطل الاسنان بما يسمع من صوتها لشدة بردها ، ويقال : صرصر وصلصل إذا تكرر الصوت ، وهو مضاعف صر وصل - فى قول الزجاج - . وقوله { عاتية } قيل عتت تلك الرياح على خزّانها فى شدة الهبوب . والعاتي الخارج الى غلظ الأمر الذى يدعو اليه قساوة القلب ، يقال : عتا يعتو عتواً فهو عات والريح عاتية تشبيهاً بحال العاتي في الشدة . وقوله { سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام } اخبار منه تعالى انه أهلكهم بهذه الريح في مدة سبع ليال ، وثمانية أيام ، لما في ذلك من الارهاب والتخويف ، وما يتعلق به من المصلحة لغيرهم في التكليف . وقوله { حسوماً } أى قاطعة قطع عذاب الاستئصال ، واصله القطع حسم طمعه من كذا إذا قطعه ، حسم يحسم حسماً إذا قطع ، وانحسم الشر إذا انقطع . وقال عبد الله بن مسعود وابن عباس ومجاهد وقتادة : معنى { حسوماً } تباعاً متوالية مأخوذاً من حسم الداء بمتابعة الكي عليه ، فكأنه تتابع الشر عليهم حتى استأصلهم . وقيل { حسوماً } قطوعاً لم يتق منهم أحد ، ونصب { حسوماً } على المصدر أي يحسمهم حسوماً . ثم قال { فترى القوم فيها } أي تشاهد القوم الهلكى فى تلك الايام والليالي صرعى مطرحين { كأنهم أعجاز نخل خاوية } أي كأنهم أصول نخل نخرة - فى قول قتادة - وقال السدي : الخاوي الفارغ . وقوله { فهل ترى لهم من باقية } أي من نفس باقية ، وقيل : معناه فهل ترى لهم من بقاء ، فالباقية بمعنى المصدر مثل العافية والطاغية . ومعناه فهل ترى لهم من بقية . وقوله { وجاء فرعون ومن قبله } أي جاء فرعون ومن معه من قومه ، على قراءة من قرأ { قبله } بكسر القاف وفتح الباء ، ومن قرأ بفتح القاف وسكون الباء أراد والذين قبله من الكفار { والمؤتفكات } يعني وجاء اهل القرى المؤتفكات أي المنقلبات بأهلها - فى قول قتادة - وهي قرى قوم لوط { بالخاطئة } أى بالافعال الخاطئة أو بالنفس الخاطئة ، وقيل بالخاطئة أى اخطأت الحق إلى الباطل والفساد { فعصوا رسول ربهم فأخذهم } الله على كفرهم وعصيانهم { أخذة رابية } أى زائدة فى الشدة من ربا يربو إذا زاد ، وقرأ ابو عمرو ، والكسائي ، وابو بكر عن عاصم { ومن قبله } بكسر القاف وفتح الباء . الباقون بفتح القاف وسكون الباء . وحجة أبي عمرو أن فى قراءة أبي { جاء فرعون ومن معه } . وقرأ ابو موسى { ومن تلقاه } . وأراد الباقون انه جاء فرعون ومن قبل فرعون من الكفار .