Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 100-100)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قيل في فاعل { يهد } من جهة الاعراب قولان : احدهما - انه مضمر كأنه قيل : أو لم يهد الله لهم ، وقوِّي ذلك بقراءة من قرأ بالنون على ما ذكره الزجاج . الثاني - او لم يهد لهم مشيؤنا ، لان { أن لو نشاء } في موضعه والتقدير أو لم يكن هاديا لهم استئصالنا لمن اهلكناه . وقيل في معنى الهداية - ها هنا - قولان : احدهما - قال ابن عباس ومجاهد والسدي وابن زيد : يهدي لهم يبين لهم . الثاني - أن الهداية الدلالة المؤدية الى البغية ، والمعنى اوَلم نبين للذين متعناهم في الارض بعد إِهلاكنا من كان قبلهم فيها . وجعلنا آباءهم المالكين لها بعدهم ، انا لو شئنا أصبناهم بعقاب ذنوبهم وأهلكناهم بالعذاب كما أهلكنا الامم الماضية قبلهم . وقوله { للذين يرثون الأرض من بعد أهلها } فالارث ترك الماضي للباقي ما يصير له بعده ، وحقيقة ذلك في الاعيان التي يصح فيها الانتقال ، وقد استعمل على وجه المجاز في الاعراض ، فقيل : العلماء ورثة الانبياء لانهم تعلموا منهم ، وقاموا بما أدوه اليهم . وقوله { أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم } الاصابة ايقاع الشيء بالغرض المنصوب ، وضده الخطأ وهو ايقاع الشيء بخلاف الغرض المطلوب . وقوله { ونطبع على قلوبهم } قيل في معنى الطبع - ها هنا - قولان : أحدهما - الحكم بأن المذموم كالممنوع من الايمان لا يفلح ، وهو أبلغ الذم . الثاني - انه علامة وسمة في القلب من نكتة سوداء ان صاحبه لا يفلح تعرفه الملائكة . وحكي عن البكرية في تأويل هذه الآية ان معنى الآية لو نشاء طبعنا على قلوبهم ، وانكر ابو علي ذلك ، وقال : هذا غلط لان معنى قوله : اني لو شئت اصبتهم بعقاب ذنوبهم وأهلكتهم كما أهلكت الامم قبلهم بعقوبة ذنوبهم ، فلا يجوز ان يعني اني لو شئت أهلكتهم فلا يتهيأ لهم ان يسمعوا بعد اهلاكهم ، لان من المعلوم للعقلاء أجمع ان الموتى لا يسمعون ، ولا يقبلون الايمان . وقوله { ونطبع على قلوبهم } انما هو استئناف وخبر منه أنه يفعل ذلك ، ولم يرد أني لو شئت لطبعت لانه بين في هذه الآية وغيرها انه مطبع على قلوب الكافرين ، كقوله { بل طبع الله عليها } يعني على القلوب { بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا } أي الا قليلا منهم ، لان أهل الطبع قد يؤمن بعضهم ، وهو خلاف قول الحسن ، فان تأويله عنده الا ايمانا قليلا . وقال الزجاج : هو على الاستئناف ، لانه لو كان محمولا على اصبنا لكان وجه الكلام ولطبعنا ، وهو قول الفراء . وقوله { فهم لا يسمعون } أي لا يقبلون الايمان مع هدايتنا لهم وتخويفنا اياهم . وفائدة الآية الانكار على الجهال تركهم الاعتبار بمن مضى من الامم قبلهم ، وانه قد طبع على قلوب من لا يفلح منهم عيبا ، وذما لهم . وقال البلخي : شبه الله تعالى الكفر بالصدى الذي يركب المرآة والسيف لانه يذهب عن القلوب بحلاوة الايمان ونور الاسلام ، كما يذهب الصدى بنور السيف ، وصفاء المرآة ، ولما صاروا عند امر الله لهم بالايمان الى الكفر جاز ان يضيف الطبع الى نفسه ، كما قال { زادتهم رجسا إلى رجسهم } وان كانت السورة لم تزدهم ذلك .