Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 99-99)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
انما دخلت الفاء فى { أفأمنوا } بعد الواو في { أوأمن } لان فيها معنى ( بعد ) كأنه قيل ابعد هذا كله أمنوا مكر الله . ثم صار الفاء في { فلا يأمن مكر الله } كأنها جواب لمن قال قد أمنوا ، والمكر اخذ العبد بالضِّر من حيث لا يشعر الا أنه قد كثر استعماله في الحيلة عليه ، قال الخليل : المكر الاحتيال باظهار خلاف الاضمار ، وانما جاز اضافة المكر الى الله لما في ذلك من المبالغة من جهة انه قد صار العذاب كالمكر على الحقيقة ، لانه اخذ للعبد بالضِّر من حيث لا يشعر ، واصل المكر الالتفاف ، فمنه ساق ممكورة أي ملتفة حسنة قال ذو الرمة : @ عجزاء ممكورة خمصانة قلق عنها الوشاح وثم الجسم والعصب @@ والمكور شجر ملتف قال الراجز : @ يستن في علقي وفي مكور @@ ورجل ممكور قصير ملتف الخلقة ذكره الخليل في هذا الباب تقول : مكر يمكر مكرا اذا التف تدبيره على مكروه لصاحبه . وقوله { فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } انما ارتفع ما بعد ( الا ) لان الرافع مفرغ له فارتفع لانه فاعل ، وكلما فرغ الفعل لما بعد ( الا ) فهي فيه ملغاة ، وكل ما شغل بغيره فهي فيه مسلطة ، لان الاسم لا يتصل على ذلك الوجه الا بها . وانما قال { فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } مع ان الانبياء المعصومين يأمنون ذلك لامرين : أحدهما - انهم لا يأمنون عقاب الله للعاصين ، ولذلك سلموا مواقعة الذنوب الثاني - { فلا يأمن مكر الله } من المذنبين { إلا القوم الخاسرون } . ومعنى الآية الابانة عما يجب ان يكون عليه المكلف من الخوف لعقاب الله ، ليسارع الى طاعته واجتناب معاصيه ، ولا يستشعر الامن من ذلك ، فيكون قد خسر في دنياه وآخرته بالتهالك في القبائح .