Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 10-10)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روى خارجة عن نافع همز { معايش } وروي ذلك عن الاعمش ، وعبد الرحمن الاعرج . الباقون غير مهموز . وعند جميع النحويين أن { معايش } لا يهمز ، ومتى همز كان لحنا ، لان الياء فيها اصلية ، لانه من عاش يعيش ، ولم يعرض فيها علة كما عرض في ( اوائل ) وهي في ( مدينة ) زائدة علة لا تدخلها الحركة كما لا تدخل الالف ، ومثله ( مسألة ، ومسائل ، ومنارة ومنائر ، ومقام ومقاوم ) قال الشاعر : @ واني لقوام مقاوم لم يكن جرير ولا مولى جرير يقومها @@ ووزنه ( مفعلة ) مثل مسورة ومساور ، ومن همزها اعتقدها ( فعيلة ) على وزن ( صحيفة ) فجمعها على ( فعائل ) مثل ( صحائف ) وذلك غلط ، لان الياء أصلها لقولهم عاش يعيش عيشا ومعيشة . قال ابو علي من همز ( مدائن ) لم يجعله ( مفعلة ) ولكنه ( فعيلة ) بدلالة قولهم : مدني ، ولا يجوز ان يكون ( مفعلة ) من دان يدين ، ومن أخذه من ذلك قال في الجمع مداين ، بتصحيح الياء . واعتل ( معيشة ) لانه على وزن ( يعيش ) وزيادتها تختص بالاسم دون الفعل ، فلم يحتج الى الفصل بين الاسم والفعل ، كما احتيج اليه فيما كان زيادته مشتركة ، نحو الهمزة في ( أجاد ) و ( هو أجود منك ) ، وموافقة الاسم لبناء الفعل توجب في الاسم الاعتلال ، ألا ترى انهم أعلوا ( بابا ) و ( دارا ) لما كانا على وزن الفعل . وصححوا نحو ( حول ) و ( غيبة ) و ( لومة ) لما لم تكن على مثال الفعل ، فـ ( معيشة ) موافقة للفعل في البناء ، مثل ( يعيش ) في الزنة ، وتكسيرها يزيل مشابهتها في البناء ، فقد علمت بذلك زوال المعنى الموجب للاعلال في الواحد وفى الجمع ، فلزم التصحيح في التكسير لزوال المشابهة في اللفظ ، لان التكسير معنى لا يكون في الفعل ، وانما يختص الاسم به ، فاذا زالت مشابهة الفعل وجب تصحيحه . ومن همز ( مصايب ) فانه غلط ، كما غلط من همز ( معايش ) ومثله جاء في جمع ( مسيل ) أمسلة ، جاء ذلك في الشعر لبني هذيل ، فتوهموه ( فعيلة ) وانما هو ( مفعلة ) وحكى يعقوب : مسيل وميسل ، فالميم على هذا فاء ومسيل ( فعيل ) ، وعلى الاول ( مفعل ) من سال . قال الزجاج : من همز ( مصايب ) جعل الهمزة بدلا من الواو ، كما قالوا : أقب في ( وقب ) وهذا ان وقع في أول الكلام . وقد قالوا في ( أدور ) أدأر ، فهمزوه ، فجاز على هذا ان يكونوا حملوا المكسورة على المضمومة . ويقال : عاش فلان بمعنى حيي ، وطيب العيش طيب الحياة ، فلهذا كانت المعيشة مضمنة بالحياة . وحد المعيشة الرماني : بأنها وصلة من جهة مكسب المطعم والمشرب والملبس الى ما فيه الحياة . اخبر الله تعالى على وجه الامتنان على خلقه بأصناف نعمه انه مكن عباده في الارض بمعنى مكنهم من التصرف فيها ، والتمكين اعطاء ما يصح معه الفعل مع ارتفاع المنع ، لان الفعل كما يحتاج الى القدرة فقد يحتاج الى آلة والى سبب ، كما يحتاج الى رفع المنع ، فالتمكين عبارة عن حصول جميع ذلك . والارض هذه الارض المعروفة ، وفى الأصل عبارة عن قرار يمكن أن يتصرف عليه الحيوان ، فعلى هذا لو خلق مثلها ، لكانت أرضا حقيقة . وقوله { وجعلنا لكم فيها معايش } فالجعل وجود ما به يكون الشيء على خلاف ما كان ، مثل ان تقول جعلت الساكن متحركا ، لانك فعلت فيه الحركة ، ونظيره التصيير والعمل ، . وجعل الشيء أعم من حدوثه ، لانه قد يكون بحدوث غيره فيه مما يتغير به . وقوله { قليلا ما تشكرون } نصب قليلا بـ { تشكرون } ، وتقديره تشكرون قليلا . و ( ما ) زائدة . ويحتمل ان تكون مع ما بعدها بمنزلة المصدر ، وتقديره قليلا شكركم . والشكر هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم ، والحمد مثله . وقيل : الفرق بينهما ان كل شكر حمد ، وليس كل حمد شكرا ، لان الانسان يحمد على احسانه الى نفسه ، ولا يشكر عليه ، كما انه يذم على اساءته الى نفسه ، ولا يجوز ان يكفر من اجل اساءته الى نفسه .