Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 8-9)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ارتفع قوله { والوزن } بالابتداء ، وخبره { الحق } ، وهو الوجه المختار . وقال الفراء : يجوز ان يكون خبره { يومئذ } وينصب { الحق } على المصدر . وتقديره والوزن يومئذ - يعني في يوم القيامة - حقا ، فينصب الحق وان كان فيه الالف واللام ، كما قال { فالحق والحق أقول } والوزن في اللغة هو مقابلة أحد الشيئين بالآخر حتى يظهر مقداره ، وقد استعمل في غير ذلك تشبيهاً به ، منها وزن الشعر بالعروض ، ومنها قولهم : فلان يزن كلامه وزنا قال الاخطل : @ واذا وضعت أباك في ميزانهم رجحوا وشال ابوك في الميزان @@ وقيل في معنى الوزن في الآية أربعة أقوال : قال الحسن : موازين الآخرة لها كفتان فالحسنات والسيئات توضعان فيهما وتوزنان . ثم اختلفوا ، فقال بعضهم : انما توضع صحائف الاعمال فتوزن ، وهو قول عبد الله بن عمر . وقال ابو علي : انما تتفضل كفة الحسنات من كفة السيئات بعلامة يراها الناس يومئذ ، وذهب عبيد بن عمير الى انه يوزن الانسان فيؤتى بالرجل العظيم الجثة ، فلا يزن جناح بعوضة . وقال مجاهد : الوزن عبارة عن العدل في الآخرة وانه لا ظلم فيها على أحد ، وهو قول البلخي وهو أحسن الوجوه ، وبعده قول الجبائي . ووجه حسن ذلك - وان كان الله تعالى عالما بمقادير المستحقات - ما فيه من المصلحة في دار التكليف وحصول الترهيب به والتخويف . وقوله { يومئذ } يجوز في { يومئذ } الاعراب والبناء ، لان اضافته الى مبني اضافة غير محضة تقربه من الاسماء المركبة ، واضافته الى الجملة تقربه من الاضافة الحقيقة . ونِّون يومئذ لانه قد قطع عن الاضافة اذ شأن التنوين ان يعاقبها ، وقد قطع ( اذ ) في هذا الموضع عنها . و ( الحق ) وضع الشيء موضعه على وجه تقتضيه الحكمة . وقد استعمل مصدرا على هذا المعنى وصفة ، كما جرى ذلك في العدل ، قال الله تعالى { ذلك بأن الله هو الحق } فجرى على طريق الوصف . وقوله { فمن ثقلت موازينه } فالثقل عبارة عن الاعتماد اللازم سفلا ونقيضه الخفة ، وهي اعتماد لازم علوًا ، ومثلت الاعمال بهما لما ذكر من المقارنة . والمعنى ان من كانت طاعاته أكثر ، فهو من الفائزين بثواب الله . ومن قلت طاعاته { فأولئك الذين خسروا أنفسهم } بأن استحقوا عذاب الابد جزاء على ما كانوا يظلمون أنفسهم بجحود آياتنا وجحتنا . وقوله { موازينه } فالموازين جمع ميزان ، وأصله من الواو ، وقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها . ولم يقلب في ( خوان ) لتحركها وأنها لم تجر على فعل لها . والخسران ذهاب رأس المال ، ومن اعظم رأس المال النفس ، فاذا أهلك نفسه بسوء عمله ، فقد خسر نفسه . وظلمهم بآيات الله مثل كفرهم بها وجحدهم اياها .