Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 113-114)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ أهل الحجاز وحفص { إِن لنا لأجراً } بهمزة واحدة على الخبر ، وقرأ بهمزتين مخففتين ابن عامر وأهل الكوفة إِلا حفصاً وروح ، إِلا أن الحلواني عن هشام يفصل بينهما بألف ، وأبو عمرو ورويس لا يفصل . قال أبو علي : الاستفهام في هذا الموضع أشبه ، لأنهم يستفهمون عن الأجر ، وليس يقطعون أن لهم الأجر ، ويقوِّي ذلك إِجماعهم في الشعراء ، وربما حذفت همزة الاستفهام ، قال الحسن قوله تعالى { وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل } إِن من الناس من يذهب الى انه على الاستفهام وقد جاء ذلك في الشعر : @ أفرح أن أرزأ الكرام وأن أورث ذوداً شصائصاً نبلا @@ وهذا أقبح من قوله : @ وأصبحت فيهم آمنا لا كمعشر أتوني فقالوا من ربيعة أم مضر @@ لأن ( أم ) تدل على الهمزة . وفى الكلام حذف ، لأن التقدير فأرسل فرعون في المدائن حاشرين يحشرون السحرة ، فحشروهم { فجاء السحرة فرعون قالوا : إِن لنا لأجراً } أي ان لنا ثوابا على غلبتنا موسى عندك { إِن كنا نحن } يا فرعون { الغالبين } ، وهو قول ابن عباس والسدي . وتقول : جئته وجئت اليه ، فاذا قلت : جئت اليه ، ففيه معنى الغاية لدخول ( الى ) فيه وجئته معناه قصدته بمجيئي ، واذا لم يعده لم يكن فيه دلالة على القصد كما تقول : جاء المطر . وقوله { وجاء السحرة فرعون قالوا } إِنما لم يقل : فقالوا حتى يتصل الثاني بالأول ، لأن معناه لما جاؤا قالوا ، فلم يصلح دخول الفاء على هذا الوجه ، وانما قالوا : أئنَّ لنا لأجراً ، ولم يقولوا : لنا أجر ، لأن أحدهما سؤال عن تحقيق الأجر وتأكيده ، كما لو قال أبا لله لنا أجر ، وليس كذلك الوجه الآخر . وقوله { إِن كنا نحن } موضع ( نحن ) يحتمل وجهين : أحدهما - أن يكون رفعاً ويكون تأكيداً للضمير المتصل في كنا . والثاني - لا موضع له ، لأنه فصل بين الخبر والاسم . والأجر الجزاء بالخير ، والجزاء قد يكون بالشر بحسب العمل وبحسب ما يقتضيه العدل . والغلبة ابطال المقاومة بالقوة ، ومن هذا قيل في صفة الله ( عز وجل ) القاهر الغالب ، لأنه القادر الذي لا يعجزه شىء . وقوله { قال نعم } حكاية عن قول فرعون مجيبا لهم عما سألوه من أن لهم أجراً أو لا ؟ بأن قال نعم لكم الأجر ، و ( نعم ) حرف جواب مع أنه يجوز الوقف عليها ، لأنها في الايجاب نظيرة ( لا ) في النفي ، وإِنما جاز الوقف عليها ، لأنها جواب لكلام يستغني بدلالته عما يتصل بها . وقوله { قال } أصله ( قول ) فانقلبت الواو الفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها وإِنما قلبوها مع خفة الفتحة لتجري على ( قلت وتقول ) في الاعلال مع أن الالف الساكنة أخف من الواو المتحركة ، وان كانت بالفتحة . والواو في قوله تعالى " وانكم " واو العطف كأنه قال : لكم ذاك ، وانكم لمن المقربين ، وهو في مخرج الكلام ، كأنه معطوف على الحرف . وكسرت الف " إِنكم " لأنها في موضع استئناف بالوعد ، ولم تكسر لدخول اللام في الخبر ، لانه لو لم يكن اللام لكانت مكسورة . ومثل هذا قوله تعالى { وما أرسلنا قبلك من المرسلين إِلا إنهم ليأكلون الطعام } ومعنى { من المقربين } انكم من المقربين الى مراتب الجلالة التي يكون فيها الخاصة ، ولا يتخطى فيها العامة . وفي الآية دليل لقوم فرعون على حاجته وذلته لو استدلوا واحسنوا النظر لنفوسهم ، لأنه لم يحتج الى السحرة الا لذلة وعجز ، وكذلك في طلب السحرة الأجر دليل على عجزهم عما كانوا يدعون من القدرة على قلب الاعيان ، لأنهم لو كانوا قادرين على ذلك لاستغنوا عن طلب الأجر من فرعون ، ولقلبوا الصخر ذهباً ولقلبوا فرعون كلباً واستولوا على ملكه . قال ابن اسحاق : وكان السحرة خمسة عشر ألفاً . وقال ابن المكندر : كانوا ثمانين ألفاً ، وقال كعب الاحبار : كانوا إِثنى عشر الفاً . وقال عكرمة : كانوا سبعين ألفاً ذكره الطبري .