Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 123-124)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ حفص وورش ورويس { آمنتم } على الخبر . الباقون بهمزتين على الاستفهام . وحقق الهمزتين أهل الكوفة إِلا حفصاً وروحاً . الباقون بتحقيق الأولى وتليين الثانية إِلا أن قنبلاً في غير رواية ابن السائب يقلب همزة الاستفهام واواً اذا اتصلت بنون فرعون ، ولم يفصل أحد بين الهمزتين بألف ، قال أبو علي : قياس قول أبي عمرو ومذهبه أن يفصل بين الهمزتين بألف كما يفصل بين النونات في ( اخشينان ) إِلا أنه يشبه أن يكون ترك القياس ، وقوله هنا لما كان يلزم منه اجتماع المتشابهات فترك الألف التي تدخل بين الهمزتين ، وخفف الهمزة الثانية التي هي همزة ( افعل ) من ( آمن ) فأما رواية أبي الاخريط عن ابن كثير بابدال الهمزة واواً ، فانه أبدل من ألف الاستفهام واواً ، لانضمام ما قبلها وهي النون المضمومة في ( فرعون ) وهذا في المنفصل مثل المتصل من نوره ، فقوله ( نوأ ) على وزن ( نود ) وفى رواية قنبل عن القواس مثل رواية البزي عن أبي الاخريط غير انه يهمز بعد الواو ، قال أبو علي : من همز بعد الواو ، لأن هذه ( الواو ) هي منقلبة عن همزة الاستفهام ، وبعد همزة الاستفهام همزة ( أفعلتم ) فخففها ، ولم يخففها كما خفف في القول الاول ، ووجهه ان الاولى لما زالت عن لفظ الهمزة وانقلبت واواً حقق الهمزة بعدها ، لأنه لم يجتمع همزتان . ووجه القول الأول أن ( الواو ) لما كان انقلابها عن الهمزة تخفيفاً قياس ، كان في حكم الهمزة فلم يحقق معها الثانية كما لا تحقق مع الهمزة نفسها ، لأن الواو في حكمها ، كما كانت في حكمها في ( روياً ) في تخفيف ( رؤياً ) فلم يدغموها في الياء ، كما لم يدغم الهمزة فيها . ومن قرأ على الخبر فوجهه أنه يخبرهم بايمانهم على جهة التقريع لهم بايمانهم ، والانكار عليهم . ووجه الاستفهام أنه استفهام على وجه التوبيخ والتقريع ، والانكار عليهم . وحمزة والكسائي قرءا بهمزتين الثانية ممدودة ، لأن الهمزة الثانية تتصل بها الألف المنقلبة عن الهمزة التى هي فاء في ( آمن ) . في هذه الآية حكاية لما قال فرعون للسحرة حين آمنوا بموسى وصدقوه لظهور الحق ، فقال لهم { آمنتم به } ؟ وإِنما قال لهم ذلك ، لأنه توهم أن الاقدام على خلاف الملك بما عمل قبل الاذن فيه منكر يقتضي سطوة الملك بصاحبه والتنكيل به ، وعندنا أن فرعون لم يعرف الله قط معرفة يستحق بها الثواب . وقال الرماني : لا يمتنع أن يكون عارفاً بالله ، وإِنما قال هذا القول تمويهاً على قومه وللتحذير من مثل حال السحرة الذين أقدموا على المخالفة له في الايمان بموسى ( ع ) . وقوله تعالى { إِن هذا لمكر مكرتموه في المدينة } معناه تواطأتم على هذا الأمر لتستولوا على العباد والبلاد ، فتخرجوا من المدينة أهلها وتتغلبوا عليها ، والمكر قيل الاغترار بالحيلة الى خلاف جهة الاستقامة وأصله الفتل والالتفاف كما قال ذو الرمة . @ عجزاء ممكورة خمصانة قلق عنها الوشاح وثم الجسم والعصب @@ والمكر والخدع نظائر في اللغة ، وقوله { فسوف تعلمون } تهديد من فرعون لهم وتخويف من مخالفته ، وإِنما هدد فرعون بـ ( سوف تعلم ) ، لأن فيه معنى أقدمت بالجهل على سبب الشر ، فسوف تعلم حين يظهر مسببه الذي أدى اليه كيف كانت منزلته ، فهو أبلغ من الافصاح به . وقوله { لأقطعن أيديكم } فالتقطيع تكثير القطع ونظيره التفصيل والتفريق ، ونقيضه التوصيل تقول : قطع قطعاً وأقطع اقطاعا ، وقطَّع تقطيعا وتقَّطع تقطعاً واقتطع اقتطاعاً وتقاطع تقاطعاً واستقطع استقطاعاً وقاطع مقاطعة وانقطع انقطاعاً . والأيدي جمع يد ، وهي الجارحة المخصوصة ، واليد النعمة ، لأنها تسدي الى صاحبها باليد . والارجل جمع رجل وهي الجارحة التي يمشي بها من يمين وشمال . والراجل خلاف الراكب وترجل الانسان اذا نزل عن دابته واقفاً على رجله ، ورَجَّله غيره ، وارتجل القول ارتجالاً إِذا كان فيه كالراجل الذي لم يستعن بركوب غيره . ورجَّل الشعر إِذا سرحه حاطَّاً له عن ركوب بعضه بعضاً . و { التقطيع من خلاف } هو قطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى ، وهو قول الحسن ، وقال غيره : وكذلك يكون قطع اليد اليسرى مع الرجل اليمنى . وقوله { ثم لأصلبنكم أجمعين } القراء كلهم على ضم الهمزة ، وتشديد اللام من ( أصلبكم ) وذكر الفراء { ولأصلبنكم } بفتح الهمزة وكسر اللام من الصلب ، وهو الشد على الخشبة أو ما جرى مجراها من الاشخاص البارزة ، وهو مشتق من صلابة الشد ، يقال : صلب صلابة وصلبه تصليباً وتصلب تصلباً . وقال ابن عباس : أول من صلب وقطع الايدي والارجل من خلاف فرعون .