Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 26-26)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ أهل المدينة ، وابن عامر والكسائي { ولباس التقوى } بالنصب . الباقون بالرفع ، ومن نصب حمله على ( انزل ) من قوله { قد أنزلنا عليكم لباساً ، ولباس التقوى } وانزلنا ها هنا مثل قوله { وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد } ومثل قوله { وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج } أي خلق . وانما قال { أنزلنا عليكم لباسا } لاحد أمرين . أحدهما - لانه ينبت بالمطر الذي ينزل من السماء ، في قول الحسن والجبائي . الثاني - لأن البركات تنسب الى أنها تأتي من السماء كقوله { وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد } وقوله { ذلك } على هذا مبتدأ وخبره ( خير ) ، ومن رفع قطع اللباس من الاول واستأنف ، فجعله مبتدأ وجعل قوله { ذلك } صفة له أو بدلا أو عطف بيان . ومن قال { ذلك } لغو فقد أخطأ ، لأنه يجوز أن يكون على أحد ما قلناه ، و ( خير ) خبر لـ ( لباس ) وتقديره لباس التقوى خير لكم إِذا أخذتم به وأقرب لكم الى الله مما خلق لكم من اللباس والرياش الذي يتجمل به ، وأضيف اللباس الى التقوى كما أضيف في قوله { فأذاقها الله لباس الجوع والخوف } الى ( الجوع ) . وهذه الآية خطاب من الله تعالى لاهل كل زمان من المكلفين على ما يصح ويجوز من وصول ذلك اليهم ، كما يوصي الانسان لولده وولد ولده - وان نزلوا - بتقوى الله وايثار طاعته ، ويجوز خطاب المعدوم بمعنى أن يراد بالخطاب اذا كان المعلوم أنه سيوجد وتتكامل فيه شروط التكليف ، ولا يجوز أن يراد من لا يوجد لان ذلك عبث لا فائدة فيه . واللباس كلما يصلح للبس من ثوب أو غيره من نحو الدرع ، وما يغشى به البيت من نطع او كسوة . واصله المصدر تقول : لبسه يلبسه لَبساً ولباساً ، ولِبساً - بكسر اللام - قال الشاعر : @ فلما كشفن اللبس عنه مسحنه بأطراف طفل زان غيلا موشما @@ الغيل الساعد ، ووصفها بلطف الكف . ( والريش ) : ما فيه الجمال ، ومنه ريش الطائر ، وقيل اصله المصدر من راشه يريشه ، وقد تريش فلان أي صار له ما يعيش به ، قال الشاعر أنشده سيبويه : @ وريشي منكم وهواي معكم وإِن كنت زيارتكم لماما @@ وقال سعيد الجهني الرياش المعاش . وقال الزجاج : الريش اللباس يقولون : اعطيت الرجل فريشته أي كسوته ، وجمعه رياش . قال مجاهد : وإِنما ذكر اللباس - ها هنا - لأن المشركين كانوا يتعرون في الطواف حتى تبدو سوآتهم باغواء الشياطين ، كما أغوي أبويهم قبل هذا الاغواء . وقوله { يواري سوآتكم } معناه يستر ما يسوءكم إِنكشافه من الجسد ، لأن السوءة ما يسوء انكشافه من الجسد ، والعورة ترجع الى النقيصة في الجسد قال الشاعر : @ خرقوا جيب فتاتهم لم يبالوا سوءة الرجله @@ ولباس التقوى فيه خمسة أقوال : احدها - قال ابن عباس : هو العمل الصالح . الثاني - قال قتادة والسدي وابن جريج هو الايمان . الثالث - قال الحسن : هو الحياء الذي يكسبكم التقوى . الرابع - قال الجبائي : هو الذي يقتصر عليه من أراد التواضع والنسك في العبادة من لبس الصوف والخشن من الثياب . الخامس - قال الرماني : هو العمل الذي يقي العقاب ، وفيه الجمال مثل جمال الناس من الثياب . وقال الحسين بن علي المغربي { لباس التقوى } يعني الذي كان عليكما في الجنة خير لكم بدلالة قوله { ذلك } وهي للبعيد . وقوله { ذلك من آيات الله } معناه إِن الذي فعلناه بكم من حجج الله التي دلتكم على توحيده من الله { لعلهم يذكرون } معناه لكي يتفكروا فيها ويؤمنوا بالله وبرسوله .