Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 37-37)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله { فمن أظلم } صورته صورة الاستفهام ، والمراد به الاخبار عن عظم جرم مَن يفتري على الله كذباً أو يكذب بآيات الله ، لا أنه أحد أظلم لنفسه منه . وانما أورد هذا الخبر بلفظ الاستفهام ، لأنه ابلغ برد المخاطب الى نفسه في جوابه مع تحريك النفس له بطريق السؤال . وقد بينا فيما مضى من الكتاب حقيقة الظلم ، وأن أجود ما حُدَّ به أن قيل : هو الضرر المحض الذي لا نفع فيه يوفَّى عليه ، ولا دفع ضرر أعظم من دفعه ، لا عاجلا ولا آجلا ، ولا يكون مستحقاً ولا واقعاً على وجه المدافعة . وقد حد الرماني الظلم بأنه الضرر القبيح من جهة بخس الحق به ، وهذا ينتقض بالألم الذي يدفع به ألم مثله ، لما قلناه . وقوله { أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب } فالنيل هو وصول النفع الى العبد إِذا أطلق ، فان قيد وقع على الضرر ، لأن أصله الوصول الى الشىء من نلت النخلة أنالها نيلاً ، قال امرؤ القيس : @ سماحة ذا وبُّر ذا ووفاء ذا ونائل ذا اذا صحا واذا سكر @@ والبخل منع النائل لمشقة الاعطاء . وقيل في معنى { ينالهم نصيبهم من الكتاب } أقوال : أحدها - قال الزجاج والفراء : هو ما ذكره الله تعالى من أنواع العذاب للكفار مثل قوله { فأنذرتكم ناراً تلظى لا يصلاها إِلا الأشقى الذي كذب وتولى } وقوله { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم } وغير ذلك مما كتب الله في اللوح المحفوظ . الثاني - قال الربيع وابن زيد : من الرزق والعمر ، والعمل : من الخير والشر في الدنيا . الثالث - قال مجاهد : جميع ما كتب لهم وعليهم ، وهو قول عطية . وقال بعضهم معناه ينالهم نصيبهم من خير أو شر في الدنيا ، لأنه قال { حتى إِذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم } وهي الانتهاء . والاجوبة الاولى أقوى لأن الاظهار فيما يقتضيه عظم الظلم في الفحش الوعيد والعذاب الأبدي . وقال سيبويه والزجاج : لا تجوز إِمالة ( حتى ) لانها حرف لا يتصرف ، والامالة ضرب من التصريف ، وكذلك ( إِما ، وايا ، والا ، ولا ) . و ( أينما ) كتبت بالياء مع امتناع إِمالتها تشبيهاً بـ ( حبلى ) من جهة أن الالف رابعة ، ولم يجز مثل ذلك في ( إِلا ) لأن ( إِلا ) تشبه الى . ولا في ( اما ) التي للتخيير ، لأنها بمنزلة ( إِن ما ) التي للجزاء . وقوله { حتى إِذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم } يعني الملائكة التي تنزل عليهم لقبض أرواحهم . وقيل في معنى الوفاة - ها هنا - قولان : احدها - الحشر الى النار يوم القيامة بعد الحشر الثاني ، وفات الموت الذي يوبخهم عنده الملائكة - في قول أبي علي - والوجه في مسألة الملك لمن يتوفاه : التبكيت لمن لم يقم حجته ، والبشارة لمن قام بحجته . وفي الاخبار عن ذلك مصلحة السامع اذا تصور الحال فيه . وقوله { قالوا أينما كنتم تدعون من دون الله } حكاية سؤال الملائكة لهم وتوبيخهم أن الذين كانوا يدعونهم من دون الله من الاوثان والاصنام لم ينفعوهم في هذه الحال ، بل ضروهم . وقوله { قالوا ضلوا عنا } حكاية عن جواب الكفار للملائكة أنهم يقولون : ضل من كنا ندعوه من دون الله عنا { وشهدوا على أنفسهم } يعني الكفار أقروا على أنفسهم { أنهم كانوا كافرين } جاحدين بالله ، وكافرين لنعمه بعبادتهم الانداد من دون الله .