Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 44-44)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة ، والكسائي وابن كثير في رواية شبل { أنَّ } مشددة النون . الباقون خفيفة . وكذلك ابن كثير في رواية قنبل بتخفيف النون وسكونها ورفع { لعنة } . الباقون بتشديد النون ونصب { لعنة } . وقرأ الكسائي وحده { قالوا نعم } بكسر العين . وفي الشعراء { قال نعم } وفي الصافات { قل نعم } بفتح النون . قال ابو الحسن الاخفش : نَعم ونِعم لغتان ، فالكسر لغة كنانة وهذيل ، والفتح لغة باقي العرب ، وفي القراءة الفتح . وقال سيبويه { نَعم } عدة وتصديق فاذا استفهمت اجبت بـ { نعم } . ولم يحك سيبويه الكسر ، ومعنى قوله : عدة وتصديق انه يستعمل عدة ويستعمل تصديقا ، ولا يريد أن العدة تجتمع مع التصديق ألا ترى انه اذا قال قائل : اتعطيني ، فقال : نعم ، كان عدة ، ولا تصديق في ذلك ، واذا قال : قد كان كذا وكذا ، فقلت نعم ، فقد صدقته ، ولا عدة في هذا . وقوله { فأذن مؤذن } بمنزلة اعلم معلم ، قال سيبويه : أذن اعلام بصوت ، فالتي تقع بعد العلم . و ( أن ) إِنما هي الشددة او المخفضة عنها والتقدير اعلم معلم ان لعنة الله . ومن خفف ( ان ) كان على اضمار القصة والحديث ، فتقديره انه لعنة الله ، ومثل ذلك قوله { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } والتقدير ( انه ) ولا تخفف ( ان ) الا مع اضمار الحديث فالقصة تراد معها . ومن ثقل نصب بـ ( ان ) ما بعدها ، كما ينصب بالمشددة المكسورة . والمكسورة اذا خففت لا يكون ما بعدها على اضمار القصة والحديث ، كما تكون المفتوحة كذلك . والفرق بينهما ان المفتوحة موصولة ، والموصولة تقتضي صلتها ، فصارت لاقتضائها الصلة اشد اتصالا بما بعدها من المكسورة ، فقدِّر بعدها الضمير الذي هو من جملة صلتها ، وليست المكسورة كذلك ، لان ( ان ) المفتوحة بمعنى المصدر ، فلا بدَّ لها من اسم وخبر ، لانها تلتغي بأن يكون دخولها كخروجها ، وليس كذلك ( ان ) ، ومن المفتوحة قول الاعشى : @ في فتية كسيوف الهند قد علموا ان هالك كل من يخفى وينتعل @@ وأما قراءتهم في النور { أن غضب الله } فان ( ان ) في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ ، واما قراءة نافع { أن غضب الله } فحسن ، وهو بمنزلة قوله { وآخر دعواهم أن الحمد لله } وليس لاحد ان يقول : هذا لا يستحسن لان المخففة من الشديدة لا يقع بعدها الفعل حتى يقع عوض من حذف ( ان ) ومن أنها تولى ما يليها من الفعل ، يدل على ذلك { علم أَن سيكون منكم } وقوله { لئلا يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء } وذلك انهم استجازوا ذلك وان لم يدخل معه شيء من هذه الحروف ، لانه دعاء ، وليس شيء من هذه الحروف يحتمل الدخول معه ، ونظير هذا في انه لما كان دعاء لم يلزمه العوض قوله { نودي أن بورك من في النار ومن حولها } فولي قوله { بورك } ( ان ) وان لم يدخل معها عوض ، كما لم يدخل في قراءة نافع { أن غضب الله عليها } والدعاء قد استجيز معه ما لم يستجز مع غيره ألا ترى انهم قالوا : ( اما ان جزاك الله خيرا من ) حمله سيبويه على اضمار القصة في ( ان ) المكسورة ولم يضمر القصة مع المكسورة الا فى هذا الموضع . وقوله { ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار } معناه وقال اصحاب الجنة يا أصحاب النار بعد دخول هؤلاء الجنة ودخول هؤلاء النار . والصاحب هو المقارن للشيء على نية طول المدة ، والصحبة والمقارنة نظائر ، الا ان في الصحبة الارادة . ومنه قيل أصحاب الصحراء . وقوله { أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا } معناه وجدنا ما وعدنا الله على لسان رسله من الثواب على الايمان وعمل الطاعات { فهل وجدتم ما وعد ربكم } على السنتهم { حقا } جزاء على الكفر من العقاب وعلى معاصيه من أليم العذاب ، فأجابهم اهل النار : بأن { قالوا نعم } والغرض بهذا النداء تبكيت الكفار وتوبيخهم ، وان الله تعالى صدق فيما وعد به على لسان نبيه ليحزن الكفار بذلك ويتحسروا عليه . والوجدان على ضربين : احدهما بمعنى العلم فهو يتعدى الى مفعولين . والآخر بمعنى الاحساس يتعدى الى واحد . وانما كان كذلك ، لان الذي بمعنى العلم يتعلق بمعنى الجملة ، والذي يتعلق بالاحساس يتعلق بمعنى المفرد من حيث ان الاحساس لا يتعلق بالشيء الا من وجه واحد . وجواب الايجاب يكون ( نعم ) وجواب النفي ( بلى ) ، لان ( نعم ) تحقق معنى الخبر المذكورة في الاستفهام و ( بلى ) تحققه باسقاط حرف النفي . وقوله { فأذن مؤذِّن بينهم } معناه نادى مناد نداء أسمع الفريقين { أن لعنة الله على الظالمين } ولعنة الله غضبه وسخطه وعقوبته على من كفر به فيسر بذلك اهل الجنة ويغتم اهل النار . وقال الاخفش والزجاج : يجوز ان تكون ( ان ) بمعنى اي { قد وجدنا } ولا يجب ان تكون ( أن ) بمعنى أي { قد وجدنا } . ونادوهم مشرفين عليهم من السماء في الجنة ، لان الجنة في السماء ، والنار في الارض . وقوله { وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً } إِنما أضافوا الوعد بالجنة الى نفوسهم ، لأن الكفار ما وعدهم الله بالجنة والثواب إِلا بشرط أن يؤمنوا ، فلما لم يؤمنوا فكأنهم لم يوعدوا ، وكذلك قوله { ما وعد ربكم } يعنون من العقاب لان المؤمنين لما كانوا مطيعين مستحقين للثواب فكأنهم لم يوعدوا بالعقاب ، وانما خص الكفار .