Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 59-59)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ أبو جعفر والكسائي { من إِله غيره } - بخفض الراء وكسر الهاء ووصلها - بناء في اللفظ حيث وقع . الباقون بضم الراء وضم الهاء وإِشباعها بالواو ، قال الكسائي تقديره ما لكم غيره من إِله . في قراءة نافع . قال أبو علي الفارسي : من جرَّ جعل ( غير ) صفة لـ ( إِله ) على اللفظ وجعل ( لكم ) مستقراً أو غير مستقر ، وأضمر الخبر ، والخبر ما لكم في الوجود أو في العالم ونحو ذلك لا بد من هذا الاضمار إِذا لم يجعل ( لكم ) مستقراً ، لأن الصفة . والموصوف لا يستقل بهما الكلام . ومن رفع حجته قوله { وما من إِله إِلا الله } فكما أن قوله { إِلا الله } بدل من قوله { من إِله } كذلك قوله { غيره } يكون بدلاً من قوله { من إِله } و ( غير ) يكون بمنزلة الاسم الذي بعد ( إِلا ) ، وهذا الذي ذكرناه أولى أن يحمل عليه من أن يجعل ( غير ) صفة لـ ( إِله ) على الموضع . فان قلت ما ينكر أن يكون { إِلا الله } صفة لـ ( إِله ) ؟ قيل : إِن ( إلا ) بكونها استثناء أعرف وأكثر من كونها صفة . وإِنما جعلت صفة على التشبيه بغير ، فاذا كان الاستثناء أولى حملنا { هل من خالق غير الله } على الاستثناء من النفي في المعنى ، لأن قوله { هل من خالق غير الله } بمنزلة ما من خالق غير الله ، ولا بد من اضمار الخبر ، كأنه قال : ما من خالق للعالم غير الله ، ويؤكد ذلك قوله { لا إِله إِلا الله } فهذا استثناء من منفي مثل لا أجد في الدار إِلا زيداً . فأما حمزة والكسائي فانهما جعلا ( غير ) صفة لخالق وأضمرا الخبر ، كما تقدم . والباقون جعلوه استثناء بدلاً من النفي ، وهو أولى لما تقدم من الاستشهاد عليه من قوله { وما من إِله إِلا الله } أخبر الله تعالى وأقسم على خبره - لأن اللام في قوله " لقد " لام القسم - بأنه أرسل نوحاً ( ع ) الى قومه وإِرساله اياه هو تكليفه القيام بالرسالة وهي منزلة جليلة شريفة يستحق بهاالرسول بتقلبه إِياها والقيام باعبائها أن يعظم أعلى تعظيم البشر ، وأخبر أن نوحاً قال لقومه { يا قوم اعبدوا الله } والعبادة هي الخضوع بالقلب في أعلى مراتب الخضوع يعظم به من له أعظم النعم ، فلذلك لا يستحق العبادة غير الله ، وأخبر أنه أمرهم بأن تكون عبادتهم لله وحده ، لأنه لا إِله لهم غيره ، ولا معبود لهم سواه . وقال لهم { إِني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } يريد به يوم القيامة ، والعذاب هو الألم الجاري على استمرار ، وقد يكون غير عقاب ، إِلا أن المراد به - ها هنا - العقاب . والعقاب الألم على ما كان من المعاصي . ولم يجعل خوفه عليهم على وجه الشك ، بل أخبرهم أن هذا العذاب سيحل بهم إِن لم يقبلوا ما أتاهم به ، لأن الخوف قد يكون مع اليقين كما يكون مع الشك ألا ترى أن الانسان يخاف من الموت ، ولا يشك في كونه .