Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 58-58)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ أبو جعفر { نكداً } بفتح الكاف . الباقون بكسرها ، والوجه في ذلك أنهما لغتان . وحكى الزجاج { نكداً } بضم النون وسكون الكاف . ولا يقرأ به . وقال الفراء : يقتضي القياس أيضاً { نكداً } بضم الكاف ، وفتح النون ، غير أني لم أسمعه مثل دَنَف ودنِف وحذر وحذر ، ويقظ ويقظ ويقظ ، بالفتح والضم والكسر . قوله { والبلد الطيب } فالبلد هو الارض التي تجمع الخلق الكثير ، وتنفصل بما لهم فيها من العمل ، والتأثير . والبلدة خلاف الفلاة ، والصحراء ، وأما البادية فكالبلد للأعراب ونحوهم من الأكراد والأتراك . والطيب ما فيه أسباب التلذذ ، وضده الخبيث ، وهو ما فيه أسباب النكرة . وقال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي : هذا مثل ، ضربه الله للمؤمنين فشبه المؤمن - وما يفعله من الطاعات والأفعال ، والانتفاع بما أمره الله ونهاه عنه - بالأرض العذبة التربة التي تخرج الثمرة الطيبة بما ينزله الله عليها من الماء العذب ، والكافر - وما يفعله من الكفر والمعاصي - بالأرض السبخة الملحة التي لا ينتفع بنزول المطر عليها ، فينزع عنها البركة . وقوله { يخرج نباته بإذن ربه } فالاخراج نقل الشىء من محيط به الى غيره ، فهذا النبات كأنه كان في باطن الأرض فخرج منه ، ( والاذن ) هو الاطلاق في الفعل برفع المنعة فيه ، فكذلك منزلة هذا البلد ، كأنه قد أطلق في اخراج النبت الكريم . ووجه ضرب المثل بالأرض الطيبة والأرض الخبيثة مع أنهما من فعل الله وكلاهما حكمة وصواب ، والطاعات والمعاصي أحدهما بأمر الله والآخر بخلاف أمره ، هو أن الله تعالى لما جعل المنفعة بأحدهما والمضرة بالآخر مثل بذلك الانتفاع بالعمل الصالح والاستضرار بالمعاصي والقبائح . وقوله { والذي خبث لا يخرج إِلا نكداً } فالنكد العسر بشدته الممتنع من إِعطاء الخير على وجه البخل تقول : نكد ينكد نكداً ، فهو نَكِد ونَكَد . وقد نكُد إِذا سئل فبخل ، ونكد ينكد نكداً ، قال الشاعر : @ لا تنجز الوعد إِن وعدت وإِن أعطيت أعطيت تافهاً نكداً @@ وقال الآخر : @ واعط ما أعطيته طيباً لا خير في المنكود والناكد @@ وقال السدي : النكد القليل الذي لا ينتفع به . وقوله { كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون } فالتصريف توجيه الشىء في جهتين فصاعداً ، فلما كان معنى الآية يوجه في الدلالات المختلفة كانت الآية متصرفة ، فالنشأة الثانية مصرَّفة بأنها كاحياء الأرض بالماء للبنات ، وبأنها كالخارج من الأرض في الاختلاف ، فمنه طيب ، ومنه خبيث ، وبأنها في حال المؤمن المؤمن والكافر ، كحال الأرض في الطيب والخبث . والمعنى أنه تعالى يبين لهم آية بعد آية ، وحجة بعد أخرى ، ويضرب مثلا بعد مثل { لقوم يشكرون } الله على إِنعامه عليهم هدايته إِياهم لما فيه نجاتهم وتبصيرهم سبيل أهل الضلال وأمره إِياهم تجنب ذلك والعدول عنه .