Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 62-62)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ أبو عمرو وحده { أبلغكم } مخففة اللام . الباقون بتشديدها . و ( بلغ ) فعل يتعدى الى مفعول واحد تقول : بلغني خبركم ، وبلغت أرضكم ، فاذا نقلته تعدى الى مفعولين . والنقل يكون تارة بالهمزة وأخرى بتضعيف العين ، وقد ورد بهما التنزيل ، قال الله تعالى { فإن تولوا فقد أبلغتكم } فنقل بالهمزة ، وقال { يا أيها الرسول بلغ } فنقل بتضعيف العين ، فعلى هذين الوجهين اختلفوا في القراءة . وفي الآية حكاية عن قول نوح ( ع ) لقومه أنه قال لهم بعد ما أنكر عليهم أنه ليس به ضلالة ، وانه رسول من عند الله ، وأنه بلغهم ما حمله الله من رسالات ربه . والإِبلاغ إِيصال ما فيه بيان وافهام ، ومنه البلاغة ، وهي إِيصال المعنى الى النفس بأحسن صورة من اللفظ . والبليغ الذي ينشىء البلاغة ، لا الذي يأتي بها على وجه الحكاية . والفرق بين الإِبلاغ والاداء أن الاداء لما يسمع ، وحسن الاداء للقراءة . والرسالات جمع رسالة ، وهي جملة من البيان يحملها القائم بها ليؤديها الى غيره . وانما جمع - ها هنا - { رسالات } وفي موضع آخر { رسالة } على التوحيد ، لأنه يشعر تارة بالجملة وتارة بالتفصيل ، فلما دعا الى عبادة الله وطاعته واجتناب محارمه والعمل بشريعته ، كان هذا تفصيل رسالات الله تعالى . ورسالات الله حكم : من ترغيب ، وتحذير ، ووعد ، ووعيد ، ومواعظ ، ومزاجر ، وحجج ، وبراهين وأحكام يعمل بها ، وحدود ينتهى اليها . وقوله { وأنصح لكم } فالنصيحة اخلاص النية من شائب الفساد في المعاملة . و ( النصح ) خلاف الغش في العمل ، ولا يكون الغش إِلا بسوء النية . وقوله { وأعلم من الله ما لا تعلمون } فيه حث لهم على طلب العلم من جهته ، وتحذير من مخالفته ، لما يعلم من العاقبة ، فكأنه قال : أنا أعلم بحلول العقاب بمخالفتكم وترك القبول مني { ما لا تعلمون } أنتم ، ويجوز أن يريد { وأعلم من } توحيد الله وصفاته وحكمته { ما لا تعلمونه } . وفي ذلك بطلان مذهب القائلين بأن معرفة الله ضرورة - وأن من لم يعرفه ضرورة فليس بمكلف - لأن نوحاً ( ع ) بين أنه خاف عليهم مع أنه يعلم ما لا يعلمونه .