Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 83-84)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أخبر الله تعالى أنه أنجى لوطاً ومن معه بمعنى أنه خلصه من الهلاك { وأهله } يعني المختصين به . والأهل هو المختص بالشىء اختصاص القرابة ، ولذلك قيل : أهل البلد لأنهم بلزومهم سكناه قد صاروا على مثل لزوم القرابة . وقوله { إِلا امرأته } استثنى من جملة من أنجاه مع لوط من أهله امرأته ، لأن امرأته أراد به زوجته ولا يقال : مرؤها بمعنى زوجها ، لأنه صار بمنزلة المالك لها . وليست بمنزلة المالكة له . وإِنما تجري هذه الاضافة التي بمعنى اللام على طريقة الملك . وقوله { كانت من الغابرين } يعني من الباقين في عذاب الله - في قول الحسن وقتادة . فان قيل : فعلى هذا يجب أن تكون امرأته ممن نجى لأنه تعالى قال { كانت من الغابرين } أي الباقين . قلنا : المعنى إِنها من الباقين في عذاب الله ، على ما حكيناه عن الحسن وقتادة . وقال قوم : معناه إِنها من الباقين قبل الهلاك والمعمرين الذين قد أتى عليهم دهر طويل حتى هرمت فيمن هرم من الناس ، وكانت ممن غبر الدهر عليه قبل هلاك القوم . ثم هلكت فيمن هلك من قوم لوط . وقيل : أراد بذلك من الباقين في عذاب الله ، ذكر ذلك قتادة . وانما قلنا : إِنها كانت من الهالكين ، لقوله في سورة هود { إِنه مصيبها ما أصابهم } ذكر ذلك البلخي والطبري ، فالغابر الباقي . ويقال : غبر يغبر غبوراً وغبراً اذا بقي قال الأعشى : @ عض بما أبقى المواسي له من أمه في الزمن الغابر @@ وقال آخر : @ وأبي الذي فتح البلاد بسيفه فأذلها لبني أبان الغابر @@ وقال الزجاج { من الغابرين } عن النجاة . ومنه الغبرة بقية أثر البياض بعد الامتزاج بغيره من الألوان . وقال الرماني : هذا استثناء متصل ، لأنه يجوز أن يدخل الزوجة في الأهل على التغليب في الجملة دون التفصيل كما قال { يا نوح إِنه ليس من أهلك } ومن أجل التغليب قال { من الغابرين } ولم يقل من الغابرات . ويقوي في نفسي أنه استثناء منقطع ، لأن الزوجة لا تدخل تحت قولنا : الأهل حقيقة ، وقد بينا ذلك في سورة البقرة مستوفاً . وقوله { وأمطرنا عليهم مطراً } وأمطرها الله إِمطاراً . وقيل : أمطر عليهم حجارة من سجيل ، وهذا اخبار من الله تعالى عما أنزله الله بقوم لوط من العذاب . وقوله { فانظر كيف كان عاقبة المجرمين } أمر للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) والمراد به جميع المكلفين بأن يتفكروا في ذلك ويعلموا كيف كان عاقبة المجرمين ، يعني الى ما صار اليه عاقبة هؤلاء العاصين . و ( كيف ) سؤال عن حال إِلا أنها تقع في التسوية ، لأن فيها ادعاء . واذا قال القائل : كيف هو ، معناه قد علمت ما يطلبه الطالب كيف هو من حاله . والعاقبة آخر ما تؤدي اليه التأدية ، وأصله كون الشىء في أثر الشىء ومنه العقاب ، لأنه يستحق عقيب الذنب ، ومنه العقاب لأنه يعقب على صيده لشدته ، والعَقِب ، لأنه عقب به بشدة شيئاً بعد شىء . والاجرام اقتراف السيئة ، أجرم إِجراماً اذا أذنب والجرم الذنب وأصله القطع فالمجرم منقطع عن الحسنة الى السيئة ، وفائدة الآية الاخبار عن سوء عاقبة المجرمين بما أنزل عليهم عاجلاً من عذاب الاستئصال قبل عذاب الآخرة بالنيران .