Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 75, Ayat: 1-10)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ { برق } بفتح الراء اهل المدينة وأبان عن عاصم ، الباقون بكسر الراء وقرأ القواس عن ابن كثير { لأقسم } باثبات القسم جعل اللام لام تأكيد ، واقسم ، والاختيار لمن قصد هذا { لأقسمن } وقد روي ذلك عن الحسن ، قال : لان الله تعالى اقسم بيوم القيامة ، ولم يقسم بالنفس اللوامة . وقال مقاتل : لم يقسم الله تعالى بالقيامة إلا فى هذه السورة فقط . الباقون { لا أقسم } التقدير بنفي اليمين فى اللفظ واختلف في ذلك النحويون فقال ابو عبيدة والكسائي ( لا ) صلة والتقدير اقسم . وقال قوم ( لا ) تزيدها العرب لا إبتداء ، لكن ( لا ) ها هنا رد لقوم انكروا البعث وكفروا بالتنزيل . فقال الله { لا } أي ليس كما تقولون . ثم قال { أقسم بيوم القيامة } قال ابن خالويه : ( لا ) تنقسم اربعين قسما ذكرته في كل مفرد . قوله { لا أقسم } معناه اقسم و ( لا ) صلة في قول سعيد بن جبير . وقال ابن عباس ( لا ) تأكيد كقولك : لا والله . بلى والله ما كان كذا ، فكأنه قال لا ، اقسم بيوم القيامة ما الأمر على ما توهموه . والقسم تأكيد الخبر بما جعله في حيز المتحقق . والمعنى اقسم بيوم القيامة ويوم القيامة هو النشأة الاخيرة التي تقوم فيها الناس من قبورهم للمجازاة ، وبذلك سميت القيامة ، ويومها يوم عظيم ، على خطر عظيم جسيم . وقوله { ولا أقسم بالنفس اللوامة } قسم ثان ، ومعناه معنى الاول . وقال الحسن : أقسم تعالى بيوم القيامة ولم يقسم بالنفس اللوامة ، بل نفى ان يقسم بها . قال الرماني : وهذا يضعف ، لانه يخرج عن تشاكل الكلام . وقيل : ان جواب القسم محذوف ، وتقديره ما الامر على ما تتوهمون . وقال قوم : جواب القسم قوله { بلى قادرين } . واللوامة الكثيرة اللوم لقلة رضاها بالأمر وتمييز ما يرضى مما لا يرضى ، وما يلام عليه مما لا يلام عليه . وقال ابن عباس : اللوامة من اللوم . وقال مجاهد : تلوم على ما مضى وفات . وقال قتادة : اللوامة الفاجرة ، كأنه قال ذات اللوام الكثير . وقال سعيد بن جبير : هي التي تلوم على الخير والشر وقيل : معناه لا صبر لها على محن الدنيا وشدائدها ، فهي كثيرة اللوم فيها . وقال الحسن : اللوامة هي التي تلوم نفسها على ما ضيعت من حق الله يوم القيامة ، وهي نفس الكافر . وقيل : معناها أنها تلوم نفسها في الآخرة على الشر لم عملته وعلى الخير هلا استكثرت منه . وقوله { أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه } صورته صورة الاستفهام ومعناه الانكار على من أنكر البعث والنشور ، فقال الله له ايظن الانسان الكافر أن لن نجمع عظامه ونعيده إلى ما كان أولا عليه . ثم قال : ليس الأمر على ما ظنه { بلى قادرين على أن نسوي بنانه } قال ابن عباس : يجعل بنانه كالخف والحافر فيتناول المأكول بفيه ، ولكننا مننا عليه . وقال قتادة كخف البعير او حافر الدابة . ونصب { قادرين } على أحد وجهين : احدهما - على تقدير بلى نجمعها قادرين . والآخر - بلى نقدر قادرين إلا أنه لم يظهر { نقدر } لدلالة { قادرين } عليه ، فاستغني به . وقيل : معناه بلى قادرين على ان نسوي بنانه حتى نعيده على ما كان عليه خلقاً سوياً . وقوله { بل يريد الإنسان ليفجر أمامه } اخبار منه ان الانسان يفجر أمامه ومعناه يمضي أمامه راكباً رأسه في هواه - في قول مجاهد - أي فهذا الذي يحمله على الاعراض عن مقدورات ربه ، فلذلك لا يقر بالبعث والنشور . وقال الزجاج : إنه يسوف بالتوبة ويقدم الاعمال السيئة . قال : ويجوز أن يكون المراد ليكفر بما قدامه من البعث بدلالة قوله { يسأل أيان يوم القيامة } فهو يفجر أمامه بأن يكذب بما قدامه من البعث . وقوله { يسأل أيان يوم القيامة } معناه ان الذي يفجر أمامه يسأل متى يكون يوم القيامة ؟ فمعنى { أيان } ( متى ) إلا ان السؤال بـ ( متى ) اكثر من السؤال بـ { أيان } ، فلذلك حسن ان يفسر بها لما دخلها من الابهام الذي يحتاج فيه الى بيان ما يتصل بها من الكلام . والسؤال على ضربين : سؤال تعجيز ، وسؤال طلب للتبيين . وقوله { فإذا برق البصر } فالبرق اللمعان بالشعاع الذي لا يلبث ، لانه مأخوذ من البرق ، يقال : برق يبرق برقاً ، وإنما قيل { برق البصر } لان ذلك يلحقه عند شدة الأمر ، والبارقة الذين تلمع سيوفهم إذا جردوها كالبرق ، وانشد ابو عبيدة للكلابي : @ لما اتاني ابن عمير راغباً اعطيته عيساً صهاباً فبرق @@ بكسر الراء وانشد الفراء : @ نعاني حنانة طوباً له يسف يبساً من العشرق فنفسك فانع ولا تنعني وداو الكلوم ولا تبرق @@ بالفتح ، أي لا تفزع من هول الجراح ، و ( حنانة ) اسم رجل و ( طوبا ) له نعجة ، وقال ابن خالويه : من كسر قال : لان { برق } بالفتح لا يكون إلا في الضوء يقال برق البرق إذا لمع ، وبرق الحنظل ، فاما برق بالكسر ، فمعناه تحير ، والذي قاله اهل اللغة إنهما لغتان ، وتقول العرب ، لكل داخل : برقة أي دهشة . وقال الزجاج : برق إذا فزع وبرق اذا حار . وقوله { وخسف القمر } أي ذهب نوره بغيبة النور عن البصر ، وخسف وكسف بمعنى كأنه يذهب نوره فى خسف من الارض فلا يرى . وقوله { وجمع الشمس والقمر } أي جمعا فى ذهاب نورهما بما يراه الانسان والجمع جعل احد الشيئين مع الآخر . والجمع على ثلاثة اقسام : جمع فى المكان ، وجمع فى الزمان ، وجمع الاعراض فى المحل . وجمع الشيئين في حكم او صفة مجاز ، وقوله { يقول الإنسان يومئذ أين المفر } اخبار من الله تعالى بأن الانسان يقول فى ذلك الوقت : اين المهرب ؟ والفرار بفتح الفاء . وروي عن ابن عباس { أين المفر } بكسر الفاء ، قال الزجاج : المفر بفتح الفاء مصدر ، وبالكسر مكان الفرار . وهذا سؤال تعجيز عن وجود مفر يهرب اليه من عذاب الله فى ذلك اليوم . وقيل فيه معنى جواب هذا السائل ، كأنه قيل يوم القيامة إذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر . والمفر مصدر . ويجوز فيه الكسر ، ومثله مدب ومدب وقال البصريون : الكسر لمكان الفرار . وقال الفراء الفتح والكسر لغتان .