Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 17-17)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف { ولكن الله قتلهم … ولكن الله رمى } بالتخفيف فيهما ورفع اسم الله فيهما . والباقون بتشديد النون ونصب { الله } . نفى الله ان يكون المؤمنون قتلوا المشركين يوم بدر فقال { فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم } وإنما نفى القتل عمن هو فعله على الحقيقة ونسبه إلى نفسه وليس بفعل له من حيث كانت أفعاله تعالى كالسبب لهذا الفعل ، والمؤدي اليه من إقداره إياهم ومعونته لهم وتشجيع قلوبهم فيه ، والقاء الرعب في قلوب اعدائهم المشركين حتى خذلوا وقتلوا على شركهم عقاباً لهم . وقوله { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } مثل الأول في انه نفى الرمى عن النبي صلى الله عليه وآله وإن كان هو الرامي وأضافه إلى نفسه من حيث كان بلطفه ، واقداره . وهذه الرمية ذكر جماعة من المفسرين ، كابن عباس وغيره : أن النبي صلى الله عليه وآله أخذ كفاً من الحصباء فرماها في وجوههم ، وقال : شاهت الوجوه ، فقسمها الله تعالى على ابصارهم ، وشغلهم بأنفسهم حتى غلبهم المسلمون ، وقتلوهم كل مقتل . وقال بعضهم : اراد بذلك رمي النبي صلى الله عليه وآله أبي امية بن الخلف الجمحي يوم احد فأصابه فقتله . وقال آخرون : اراد بذلك رمية سهمه يوم خيبر ، فأصاب ابن ابي الحقيق في فراشة رأسه ، فقتله . والأول أشهر الأقوال . فأما تعلق من تعلق بذلك من الغلاة ، بأن قال : لما قال { ولكن الله رمى } - وكان النبي هو الرامي - دل ذلك على انه هو الله تعالى ، فهو جهل وقلة معرفة بوجوه الكلام لانه لو كان على ما قالوه لكان الكلام متناقضاً ، لأنه خطاب للنبي صلى الله عليه وآله بأنه لم يرم ، فان كان هو الله تعالى فالى من توجه الخطاب ؟ وإن توجه اليه الخطاب دل على ان الله غيره . وأيضاً فاذا كان هو الله فقد نفى عنه الرمي فاذا أضافه بعد ذلك إلى الله كان متناقضاً على انه قد دلت الأدلة العقلية على ان الله ليس بجسم ، ولا حال في جسم ، فبطل قول من قال إن الله كان حل في محمد صلى الله عليه وآله وليس هذا موضع نقضه . وقد ذكرنا الكلام في ذلك واستوفيناه في الاصول . وأما من قال : إن الفعل واجد ، وهو من الله تعالى بالايجاد ، ومن العبد بالاكتساب فباطل ، لأنه خلاف المفهوم من الكلام ، ولو كان كذلك لم يجز أن ينفى عنه إلا بتقييد كما لا ينفى عن الله الا بتقييد . وقوله { وليبلي المؤمنين منه بلاء حسناً } معناه لينعم عليهم نعمة حسنة . والمعنى ولينصرهم الله نصراً جميلا ويختبرهم بالتي هي احسن ، ومعنى يبليهم - ها هنا - يسدي اليهم . وقيل للنعمة بلاء وللمضرة أيضاً مثل ذلك ، لأن أصله ما يظهر به الأمر من الشكر أو الصبر ، ومنه يبتلي بمعنى يختبر ويمتحن وسميت النعمة بذلك لاظهار الشكر ، والضر لاظهار الصبر الذي يجب به الأجر . وقوله { إن الله سميع عليم } معناه انه يسمع دعاء من يدعوه ويعلم ما له فيه من المصلحة فيجيبه اليه .