Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 35-35)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

روى الحسين العجفي عن ابي بكر { صلاتهم } نصباً { إلا مكاء وتصدية } رفع فيهما . والصواب ما عليه القراء ، لان { صلاتهم } معرفة و { مكاء وتصدية } نكرة ولا يجوز ان يجعل اسم كان نكرة وخبره معرفة . ومن قرأ كذلك فلان الصلاة لما كانت مؤنثة ولم يكن في كان علامة التأنيث اضاف الفعل إلى المذكر وهو { مكاء } . وهذا ليس بصحيح ، لأن { صلاتهم } لما كان مضافاً إلى المذكر جاز ان يذكر كما ان المذكر إذا اضيف إلى المؤنث جاز ان يؤنث ، نحو قولهم : ذهبت بعض اصابعه . ومعنى الآية الاخبار من الله تعالى أنه لم تكن صلاة هؤلاء الكفار الصادين عن المسجد الحرام { إلا مكاء } لئلا يظن ظان ان مع كونهم مصلين ومستغفرين لا يعذبهم الله ، كما قال في الآية الاولى ، فبين ان صلاتهم كانت مكاء وتصدية . والمكاء صفير كصفير المكاء . وهو طائر يكون بالحجاز وله صفير قال الشاعر : @ ومكا بها فكأنما يمكو بأعصم عاقل @@ وأصل المكاء جمع الريح للصفير . ويقال مكا يمكوا مكاء إذا صفر بفيه ومنه يمكوا است الدابة إذا انتفخت بالريح . والاست : الكوة ، والمكو ان يجمع الرجل يديه ثم يدخلهما في فيه ثم يصيح . ومنه قول عنترة : @ وحليل غانية تركت مجدلا تمكو فريضته كشدق الاعلم @@ اي يصفر بالريح لما طعنه والتصدية التصفيق يقال صدى يصدي تصدية إذا صفق بيديه . ومنه الصدى صوت الجبل ، ونحوه . ومنه تصدى للملك إذا تعرض له ليكلمه . وقال ابن عباس ، وابن عمر ، والحسن ، وعطية ، ومجاهد ، وقتادة والسدي : المكاء الصفير ، والتصدية التصفيق ، قال الراجز : @ ضنت بخد وجلت عن خد فأنا من غرو الهوى أصدي @@ أي اصفق بيدي تعجباً . والغرو : العجب . وقال ابو علي الجبائي : كان بعضهم يتصدى لبعض ليراه بذلك الفعل ، وكان يصفر له . وقال سعيد بن جبير وابن زيد : التصدية صدهم عن البيت الحرام . وقيل : إنهم كانوا يخلطون ويشوشون بذلك على النبي صلى الله عليه وآله . وإنما سمي مكاؤهم بأنه صلاة لأمرين : احدهما - انهم كانوا يقيمونه فعلهم الصفير والتصفيق مقام الصلاة والدعاء والتسبيح . والاخر - انهم كانوا يعملون كعمل الصلاة مما فيه هذا . وقوله { فذوقوا العذاب } قال الحسن ، والضحاك ، وابن جريج ، وابن اسحاق : إن معناه عذاب السيف . وقال ابو علي الجبائي : يقال لهم في الاخرة { ذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } في دار الدنيا وهو قول البلخي . والمعنى باشروه وليس المراد به من ذوق الفم .