Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 53-53)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الاشارة بقوله : { ذلك } إلى ما تقدم ذكره من اخذ الله الكفار بالعقاب فكأنه قال ذلك العقاب المدلول عليه بأن الله لا يغير النعمة إلى النقمة إلا بتغيير النفس إلى الحال القبيحة ، فـ { ذلك } ابتداء وخبره { بأن الله } كما يقول القائل : العقاب بذنوب العباد ، والكاف في { ذلك } للخطاب و { ذلك } إشارة إلى البعيد و " ذاك " إشارة إلى ما دونه ، و " ذا " اشارة إلى ما هو حاضر . وقوله { لم يك } اصله يكون فحذفت الواو للجزم وإلتقاء الساكنين ، ثم حذفت النون استخفافاً لكثرة الاستعمال مع انه لا يقع بالحذف إخلال بالمعنى ، لأن " كان ويكون " أم الافعال الا ترى أن كل فعل فيه معناها ، لأنك إذا قلت ضرب معناه كان ضرب ، ويضرب معناه يكون يضرب فلما قربت بأنها ام الأفعال وكثر استعمالها احتمل الحذف ولم يحتمل نظائرها ، وذلك مثل لم يجز ولم يصن كما جاز فيها . والتغيير تصيير الشيء على خلاف ما كان بما لو شوهد لشوهد على خلاف ما كان . وانما قيل بما لو شوهد لشوهد على خلاف ما كان للتفريق بينه وبين ما يصير على خلاف ما كان بالحكم فيه بما لم يكن عليه ، ألا ترى ان المعلوم بعد ان لم يكن معلوماً لا يتغير بهذا العلم ، لأنه لو شوهد لم يشاهد على خلاف ما كان ، والقدرة شوهدت على خلاف ما يشاهد العجز . وفي الآية دلالة على بطلان مذهب المجبرة ، لأنها تدل على انه لا يكون العقاب الا بتغيير النفس إلى ما لا يجوز ان يغير اليه ، وهذا يبين انه لا يحسن من الله العقاب الا لمن فعل قبيحاً او اخل بواجب ، وذلك يبطل قول من قال : يجوز ان يعاقب الله البريء بجرم السقيم ، وجملة معنى الآية إنا اخذنا هؤلاء الذين كذبوا بآياتنا من مشركي قريش ببدر بذنوبهم ، وتغييرهم نعمة الله عليهم من بعث رسوله وتكذيبهم إياه واخراجهم له من بين اظهرهم ، ففعلنا بهم مثل ما فعلنا بالماضين من الكفار .