Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 58-58)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بني المضارع مع نون التأكيد ، لأن النون لما أبطلت السكون اللازم للجزم الذي هو أمكن في الفعل ، كانت على إبطال غيره من الاعراب أقوى . وإنما بني على الفتح لسلامتها من البابين الكسرة والضمة في المؤنث والجمع ، في قولهم لا تحسبن يا امرأة ، ولا تحسبن يا قوم . وتثبت الألف مع الجازم في { إما تخافن } ولم تثبت مع الجازم في قولك ( لا تخف القوم ) لان الحركة في هذا عارضة ، لأن التقاء الساكنين من كلمتين . أمر الله تعالى نبيه انه متى خاف - ممن بينه وبينه عهد - خيانة أن ينبذ اليه عهده على سواء . والخيانة نقض العهد فيما ائتمن عليه ، تقول : خانه يخونه خيانة ، واختان المال اختياناً . وتخونه تخوناً وخونه تخويناً و ( النبذ ) القاء الخبر إلى من لا يعلمه بما يوجب أنه حرب بنقض عهد أو إقامة على بغي تقول : نبذ ينبذ نبذاً وانتبذ انتباذاً وتنابذ القوم تنابذاً ، ونابذه منابذة . وقوله { على سواء } قيل في معناه قولان : احدهما - على استواء في العلم به أنت وهم في انكم حرب لئلا يتوهموا أنك العهد بنصب الحرب . والثاني - ان معناه على عدل من قول الراجز : @ فاضرب وجوه الغدر الاعداء حتى يحيوك على السواء @@ أي على العدل . ومنه قيل للوسط سواء ، لاعتداله إلى الجهات ، كما قال حسان بن ثابت : @ يا ويح انصار النبي ورهطه بعد المغيب في سواء الملحد @@ اي في وسطه . وقال الوليد بن مسلم : معناه على مهل وهذا بعيد ، لأنه لا يعرف في اللغة . فان قيل كيف جاز نبذ العهد ونقضه بالخوف من الخيانة ؟ قيل : انما فعل ذلك لظهور امارات الخيانة التي دلت على نقض العهد ولم تشتهر ولو اشتهرت لم يجب النبذ ، كما حارب رسول الله صلى الله عليه وآله أهل مكة ، لما نقضوا العهد بقتل خزاعة ، وهم في ذمة النبي صلى الله عليه وآله فلما فعلوا ذلك فعلاً ظاهراً مشهوراً أغنى ذلك عن نبذ العهد اليهم ، ولو نقضوه على خفى لم يكن بد من نبذ العهد اليهم ، لئلا ينسب إلى نقض العهد والغدر . وقوله { إن الله لا يحب الخائنين } معناه انه يبغضهم وانما عبر بحرف النفي ، لأن صفة النفي تدل على الاثبات إذا كان هناك ما يدل عليه ، وهو أبلغ في هذا الموضع لأن معناه : انهم حرموا محبة الله بخيانتهم واوجب ذلك بغضه اياهم . ومحبة الله للخلق ارادة منافعهم وبغضه اياهم ارادة عقابهم . والآيتان معاً نزلتا في بني قريظة ، قال الواقدي : نزلت هذه الآية في بني قينقاع ، وبهذه الآية سار النبي صلى الله عليه وآله اليهم .