Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 81, Ayat: 1-14)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ ابن كثير واهل البصرة { سجرت } خفيفة الجيم . الباقون بتشديدها وقرأ اهل المدينة وابن عامر وحفص عن عاصم { نشرت } خفيفة الشين . الباقون بالتشديد . وقرأ نافع وباقي أهل المدينة وابن عامر فى رواية ابن ذكوان وعاصم إلا يحيى ورويس { سعرت } بتشديد العين . الباقون بتخفيفها . وقرأ ابو جعفر { قتلت } مشددة التاء ، الباقون بتخفيفها . يقول الله تعالى مخبراً عن وقت حضور القيامة وحصول شدائدها { إذا الشمس كورت } فاللفظ وإن كان ماضياً فالمراد به الاستقبال ، لأنه إذا اخبر تعالى بشيء فلا بد من كونه ، فكأنه واقع . والفعل الماضي يكون بمعنى المستقبل فى الشرط والجزاء ، وفى أفعال الله ، وفى الدعاء إذا تكرر كقولك حفظك الله وأطال بقاءك . ومعنى { كورت } - فى قول ابن عباس وابي بن كعب ومجاهد وقتادة والضحاك - ذهب نورها . وقال الربيع بن خيثم : معناه رمي بها ، والتكوير تلفيف على جهة الاستدارة ومنه كور العمامة ، كور يكور تكويراً ، ومنه الكارة ، ويقال : كورت العمامة على رأسي اكورها كوراً وكورتها تكويراً . ويقال : طعنه فكوره أى رمى به ، ذكره الازهرى ، ومنه قولهم : اعوذ بالله من الحور بعد الكور أى من النقصان بعد الزيادة فالشمس تكور بأن يجمع نورها حتى يصير كالكارة الملقاة فيذهب ضوءها ويجدد الله - عز وجل - للعباد ضياء غيرها . وقوله { وإذا النجوم انكدرت } فالنجوم جمع نجم ، وهو الكوكب وجمعه كواكب . ومنه نجم النبت إذا طلع ينجم نجماً فهو ناجم ، وكذلك نجم القرن ، ونجم السن . والانكدار انقلاب الشيء حتى يصير الأعلى الاسفل بما لو كان ماء لتَكدر . وقيل : اصل الانكدار الانصباب . قال العجاج : @ ابصر خربان فضاء فانكدر @@ وقال مجاهد والربيع بن خيثم وقتادة وابو صالح وابن زيد : انكدرت معناه تناثرت . وقوله { وإذا الجبال سيرت } فمعنى تسيير الجبال تصييرها هباء وسراباً وقوله { وإذا العشار عطلت } فالعشار جمع عشراء ، وهي الناقة التي قد أنى عليها عشرة اشهر من حملها ، وهو مأخوذ من العشرة . والناقة إذا وضعت لتمام ففي سنة ، وقال الفراء : العشار لقح الابل التي عطلها أهلها لاشتغالهم بأنفسهم . وقال الجبائي : معناه ان السحاب يعطل ما يكون فيها من المياه التى ينزلها الله على عباده فى الدنيا . وحكى الازهري عن ابي عمرو انه قال : العشار الحساب . قال الازهرى : وهذا لا اعرفه فى اللغة . والمعنى إن هذه الحوامل التى يتنافس اهلها فيها قد اهملت . وقوله { وإذا الوحوش حشرت } قال عكرمة : حشرها موتها . وغيره قال : معناه تغيرت الأمور بأن صارت الوحوش التى تشرد في البلاد تجتمع مع الناس وذلك ان الله تعالى يحشر الوحوش ليوصل اليها ما تستحقه من الأعواض على الآلام التي دخلت عليها ، وينتصف لبعضها من بعض ، فاذا عوضها الله تعالى ، فمن قال : العوض دائم قال تبقى منعمة على الأبد . ومن قال : العوض يستحق منقطعاً اختلفوا فمنهم من قال : يديمها الله تفضلا لئلا يدخل على العوض غم بانقطاعه . ومنهم من قال : إذا فعل بها ما تستحقه من الاعواض جعلها تراباً . وقوله { وإذا البحار سجرت } معناه ملئت ناراً كما يسجر التنور ، وأصل السجر الملأ قال لبيد : @ فتوسطا عرض السري وصدعا مسجورة متجاوز أقدامها @@ أي مملوءة ، ومنه { البحر المسجور } قال ابن عباس وأبي بن كعب : سجرت اوقدت ، فصارت ناراً . وقال شمر بن عطية : صارت بمنزلة التنور المسجور وقال الحسن والضحاك : معناه ملئت حتى فاضت على الأرضين فتنسقها حتى تكون لجج البحار ورؤس الجبال بمنزلة واحدة ، وقيل : معنى { سجرت } جعل ماؤها شراباً يعذب به أهل النار . وقال الفراء : معناه افضي بعضها إلى بعض فصارت بحراً واحداً . ومن ثقل أراد التكثير ، ومن خفف ، فلأنه يدل على القليل والكثير . وقوله { وإذا النفوس زوجت } معناه ضم كل واحد منها إلى شكله ، والنفس قد يعبر به عن الانسان ويعبر به عن الروح ، وقال عمر بن الخطاب وابن عباس ومجاهد وقتادة : كل إنسان بشكله من أهل النار وأهل الجنة . وقال عكرمة والشعبي : معنى زوجت ردت الأرواح إلى الاجساد . وقيل : معناه يقرن الغاوي بمن أغواه من شيطان أو إنسان . وقوله { وإذا الموؤدة سئلت } فالموؤدة المقتولة بدفنها حية ، فكانت العرب تئد البنات خوف الاملاق ، وأدها يئدها وأداً ، فهي موؤدة أي مدفونة حية ، وعلى هذا جاء قوله { ولا تقتلوا أولادكم من إملاق } وقال قتادة : " جاء قيس ابن عاصم التميمي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال : اني وأدت ثماني بنات فى الجاهلية ، فقال النبي صلى الله عليه وآله " فاعتق عن كل واحدة رقبة " قال اني صاحب أبل . قال " فاهد إلى من شئت عن كل واحدة بدنة " وقيل موؤدة للثقل الذي عليها من التراب وقوله { ولا يؤوده حفظهما } أي لا يثقله ، قال الفرزدق : @ ومنا الذي منع الوائدا ت وأحيا الوئيد فلم يوأد @@ وإنما يسأل عن الموؤدة على وجه التوبيخ لقاتلهما ، وهو أبلغ من سؤاله ، لان هذا مما لا يصلح إلا بذنب ، فاي ذنب كان لك ، فاذا ظهر انه لا ذنب لها جاءت الطامة الكبرى على قاتلها ، لانه رجع الأمر اليه بحجة يقرّ بها . وقال قوم : تقديره سئلت قتلها بأي ذنب قتلت ، فالكناية عنها أظهر . وروي فى الشواذ ، وهو المروي عن ابن عباس وغيره من الصحابة أنهم قرءوا { وإذا المؤودة سألت بأي ذنب قتلت } جعلوها هي السائلة عن سبب قتلها لا المسئولة وهو المروي فى اخبارنا وقوله { وإذا الصحف نشرت } فالنشر بسط المطوي ، والنشر للصحف والثياب ونحوها . والصحف جمع صحيفة وهي الصحيفة التى فيها اعمال الخلق من طاعة ومعصية ، فتنشر عليه ليقف كل انسان على ما يستحقه .