Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 83, Ayat: 1-6)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ويل } كلمة موضوعة للوعيد والتهديد ، ويقال ذلك لمن وقع في هلاك وعقاب . وقيل : إن ويلا واد في جهنم قعره سبعون سنة . وقيل { ويل } دعاء عليهم . وقال ابن عباس : كان أهل المدينة من أخبث الناس كيلا إلى أن انزل الله تعالى { ويل للمطففين } فاحسنوا الكيل ، فهدد الله تعالى بهذا الخطاب كل من بخس غيره حقه ونقصه ماله من مكيل او موزون ، فالمطفف المقلل حق صاحبه بنقصانه عن الحق في كيل أو وزن . والطفيف النزر القليل ، وهو مأخوذ من طف الشيء وهو جانبه ، والتطفيف التنقيص على وجه الخيانة في الكيل أو الوزن ، وأما التنقيص في ما يرجع إلى مقدار الحق فلا يكون تطفيفاً ، ولفظة ( المطفف ) صفة ذم لا تطلق على من طفف شيئاً يسيراً إلى أن يصير إلى حال تتفاحش ، وفي الناس من قال : لا يطلق حتى يطفف أقل ما يجب فيه القطع في السرقة ، لانه المقطوع على أنه كبيرة . وقوله { الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون } فالاكتيال الاخذ بالكيل ونظيره الاتزان وهو الاخذ بالوزن ، والاعتداد الاخذ بالعدد ، يقال : اكتان يكتال اكتيالا ، وكاله يكيله كيلا وكايله مكايلة وتكايل تكايلا ، وإنما ذكر في الذم { إذا اكتالوا على الناس يستوفون } ليبين منزلتهم في تعدي الحق بأنهم لم ينقصوا الناس عن طريق مسامحة يعاملون الناس بمثل ذلك بل على محض الظلم في البخس ويقال : اكتالوا ما عليهم بمعنى اخذوا ما عليهم ، واكتالوا منهم أى استوفوا منهم . وقيل : على الناس ، فكنى عنهم . وقوله { وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون } كان عيسى ابن عمر يجعل ( هم ) فصلا في موضع رفع بمعنى الفاعل . والباقون يجعلونه في موضع نصب ، وهو الصحيح ، وهو قول اكثر المفسرين . وأهل الحجاز يقولون : وزنتك حقك وكلتك طعامك . وغيرهم يقولون : كالوا لهم ووزنوا لهم ، وفي الكتاب { كالوهم أو وزنوهم } بلا الف . ومن قال تقديره : كالوا لهم أو وزنوا لهم ، قال حذف ( لهم ) للايجاز من غير اخلال بالمعنى ، ويقال أخسر وخسر لغتان إذا نقص الحق . وقوله { ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم } تبكيت للكافر ولكل ظالم وباخس حق غيره في صورة الاستفهام . و ( الظن ) ها هنا بمعنى العلم ، وتقديره ألا يعلم انه يبعث يوم القيامة ويجازى على افعاله من طاعة او معصية فيجازى بحسبها في اليوم الذى وصفه بأنه يوم عظيم . ويحتمل أن يكون المراد بالظن الحسبان ايضاً من ظن الجزاء والبعث وقوي في نفسه ذلك ، وإن لم يكن عالماً يجب عليه أن يتحرز ويجتنب المعاصي خوفاً من العقاب الذى يجوزه ويظنه ، كما أن من ظن العطب في سلوك طريق وجب أن يتجنب السلوك فيه . قال البلخي : قال قوم : المعنى افما يوقنون انهم مبعوثون ، جعله خطاباً للمؤمنين المصدقين بالبعث . ثم زاد في صفة يوم القيامة الذي وصفه بأنه يوم عظيم وبينه فقال { يوم يقوم الناس لرب العالمين } أي يوم يبعثون يوم تقوم الناس من قبورهم ويجتمعون في ارض المحشر ، وإنما يقومون من قبورهم الى ارض المحشر لجزاء رب العالمين ، وحذف ذلك للدلالة عليه ، ويحتمل { يوم يقوم } ثلاث أوجه : النصب على ذلك اليوم يقوم او مبعوثون يوم يقوم . والرفع على الاستئناف ، والجر على البدل من { ليوم عظيم } وقال قتادة : يقومون مقدار ثلثمائة سنة ويقصر على المؤمنين حتى يكون كأحدى صلاة المكتوبة ، وروي في الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله ان أحدهم ليغيب في رشجه الى انصاف أذنيه .