Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 88, Ayat: 11-20)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ { لا يسمع } بالياء المضمومة { فيها لاغية } رفعاً على ما لم يسم فاعله لان التأنيث ليس بحقيقي وقد فصل بينهما بـ { فيها } ابن كثير وأبو عمرو وريس . وقرأ نافع وحده { لا تسمع } بالتاء مضمومة { لاغية } مرفوعة ، لان اللفظ لفظ التأنيث . الباقون بفتح التاء على الخطاب { لاغية } منصوبة ، لانها مفعول بها . لما ذكر الله تعالى ان المؤمنين يحصلون في جنة عالية في الشرف والمكان بين انه { لا يسمع فيها } في تلك الجنة { لاغية } وهي كلمة لا فائدة فيها قال الشاعر : @ عن اللغا ورفث التكلم @@ واللغو واللغا بمنزلة واحدة ، ولغى يلغي ، ولغا يلغو ، والغاه الغاء . وقيل { لاغية } بمعنى ذات لغو ، كقولهم نابل ودارع أي ذو نبل ودرع ، وتامر ذو تمر قال الحطيئة : @ وغررتني وزعمت إنك لابن باليصف تامر @@ وقيل : إنها المصدر مثل العاقبة . ويجوز أن يكون نعتاً ، وتقديره لا يسمع فيها كلمة لاغية والأول أصح ، لقوله { لا لغو فيها ولا تأثيم } وإنما نفى اللاغية عن الجنة ، لان في سماع ما لا فائدة فيه ثقلا على النفس . ثم بين أن فيها أيضاً أي في تلك الجنة عيناً من الماء جارية ، لان في العين الجارية متعة ليس في الواقف . وقوله { فيها سرر مرفوعة } ليرى المؤمن بجلوسه عليها جميع ما حوله من الملك . وقوله { وأكواب موضوعة } أي على حافة العين الجارية ، كلما أراد شربها وجدها مملوءة ، فالاكواب جمع كوب ، وهي الأباريق التى ليس لها خراطيم ، فهي للشراب من الذهب والفضة والجوهر يتمتعون بالنظر اليها بين أيديهم ويشربون بها ما يشتهون من لذيذ الشراب ، وهي كأفخر الاكواز التى توضع بين يدي الملوك . وقيل : الاكواب كالأباريق لاعرى لها ولا خراطيم وهي آنية تتخذ للشراب فاخرة حسنة الصورة . وقوله { ونمارق مصفوفة } قال قتادة : النمارق الوسائد واحدها نمرقة وهي الوسادة ، وهي تصلح للراحة ، ورفع المنزلة . وقوله { وزرابي مبثوثة } فالزرابي البسط الفاخرة واحدهما زربية . وقيل قد سمع ( نمرقة ) بضم النون والراء وكسرهما ثم نبه تعالى على الادلة التي يستدل بها على توحيده ووجوب إخلاص العبادة له فقال { أفلا ينظرون } أي أفلا يتفكرون بنظرهم { إلى الإبل كيف خلقت } ويعتبرون بما خلقه الله عليه من عجيب الخلق ، ومع عظمه وقوته يذلله الصبي الصغير فينقاد له بتسخير الله ويبركه ويحمل عليه ثم يقوم ، وليس ذلك فى شيء من الحيوان ، بتسخير الله لعباده ونعمته به على خلقه { وإلى السماء } أى وينظرون إلى السماء { كيف رفعت } رفعها فوق الارض وجعل بينهما هذا الفضاء الذي به قوام الخلق وحياتهم . ثم ما خلقه فيه من عجائب الخلق من النجوم والشمس والقمر والليل والنهار الذى بجميع ذلك ينتفع الخلق وبه يتم عيشهم ونفعهم { وإلى الجبال كيف نصبت } أي ويفكرون فى خلق الله تعالى الجبال اوتاد الارض ومسكه لها ولولاها لمادت الارض بأهلها ، ولما صح من الخلق التصرف عليها { وإلى الأرض كيف سطحت } أى وينظرون إلى الارض كيف بسطها الله وسطحها ووسعها ولولا ذلك لما صح الانتفاع بها والاستقرار عليها ، وهذه نعم من الله تعالى على خلقه لا يوازيها نعمة منعم ، ولا يقاربها إحسان محسن فيجب أن يقابل ذلك باعظم الشكر .