Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 107-107)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن عامر وأهل المدينة { الذين اتخذوا } باسقاط الواو . الباقون باثبات الواو . فمن أثبت الواو ، عطفه على ما تقدم من الآيات وتقديره : ومنهم الذين اتخذوا مسجداً ضراراً ومن حذفها ابتدأ الكلام وحذف الخبر لطول الكلام قال الزهري ، ويزيد بن رومان ، وعبد الله بن أبي بكر . وعاصم بن عمر بن قتادة : نزلت هذه الآية في اثني عشر رجلا من المنافقين ، قال الفراء : كانوا من بني عمرو ابن عوف من الأنصار . وقال غيره : كانوا من بني غنم ابن عوف من الأنصار الذين بنوا مسجد الضرار . وقيل انهم كانوا خمسة عشر رجلا منهم عبد الله بن نفيل - في قول الواقدي - وقال ابن اسحاق : هو نفيل بن الحارث ولم يذكر عبد الله وهذا المختلف في اسمه هو الذي كان ينقل حديث النبي إلى المنافقين فأعلم الله نبيه ذلك . وأخبر الله عنهم انهم بنوا المسجد الذي بنوه ضراراً اي مضارة . ونصب على أنه مفعول له أي بنوه للمضارة . والضرار هو طلب الضرّ ومحاولته كما أن الشقاق محاولة ما يشق ، تقول : ضاره مضارة وضراراً . والآية تدل على ان الفعل يقع بالارادة على وجه القبح دون الحسن ، أو الحسن دون القبح ، لأنهم لو بنوا المسجد للصلاة فيه لكان حسناً ، لكن لما قصدوا المضارة كان ذلك قبيحاً ومعصية . وقوله { وتفريقاً بين المؤمنين } أي بنوه للمضارة والكفر والتفريق بين المؤمنين . وانما يكون تفريقاً بين المؤمنين بأن يتحزبوا ، فحزب يصلي فيه وحزب يصلي في غيره لتختلف الكلمة وتبطل الالفة . واتخذوه ايضاً ليكفروا فيه بالطعن على النبي صلى الله عليه وآله والاسلام والمسلمين . وقوله { وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله } معناه اتخذوه له ليكون متى أراد الاجتماع معهم حضره وأنس به ، وهو رجل يقال له ابو عامر الراهب لحق بقيصر فتنصر وبعث الهيم سآتيكم بجند فأخرج به محمّداً واصحابه . فبنوه يترقبونه ، وهو الذي حزب الأحزاب وحارب مع المشركين ، فلما فتحت مكة هرب إلى الطائف ، فلما اسلم اهل الطائف لحق بالشام وخرج إلى الروم وتنصر ، وابنه عبد الله قتل يوم احد - وهو غسيل الملائكة - ذهب اليه اكثر المفسرين كابن عباس ومجاهد وقتادة . وأصل الارصاد الارتقاب تقول : رصده يرصده رصداً وأرصد له وراصده مراصدة وتراصد تراصداً وارتصده إرتصاداً . وقوله { وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى } معناه إن هؤلاء يحلفون على أنهم ما أرادوا ببناء هذا المسجد إلا الحسنى يعني إلا الفعلة الحسنى ، فقال الله تعالى تكذيباً لهم { والله يشهد إنهم لكاذبون } وكفى بمن يشهد الله بكذبه خزياً ووجّه رسول الله صلى الله عليه وآله قبل قدومه من تبوك عاصم بن عون العجلاني ومالك بن الدخثم وكان مالك من بني عوف ، فقال لهما " انطلقا إلى هذا المسجد الظالم اهله فاهدماه ثم حرّقاه " فخرجا يشتدّان سريعين على أقدامهما ففعلا ما أمرهما به فثبت قوم من جملتهم زيد بن حارثة بن عامر حتى أحترقت البتة .