Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 106-106)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ أهل المدينة عن أبي بكر { مرجون } بغير همزة . الباقون بالهمزة . والوجه فيهما أنهما لغتان … ويقال : أرجأت وأرجيت بمعنى واحد . وهذه الآية عطف على قوله { ومن أهل المدينة مردوا على النفاق … وآخرون اعترفوا بذنوبهم … وآخرون مرجون لأمر الله } والارجاء تأخير الامر إلى وقت ، يقال : أرجأت الأمر إرجاء وأرجيته بالهمزة وترك الهمزة لغتان . وقوله { إما يعذبهم وإما يتوب عليهم } فلفظة { إمّا } لوقوع أحد الشيئين والله اعلم بما يصير اليه امرهم إلا ان هذا للعباد ، خوطبوا بما يعلمون . والمعنى وليكن امرهم عندكم على هذا اي على الخوف والرجاء . والآية تدل على صحة قولنا في جواز العفو عن العصاة ، لأنه تعالى بين ان قوماً من هؤلاء العصاة أمرهم مرجأ إلى الله : ان شاء عذبهم وان شاء قبل توبتهم فعفا عنهم فلو كان سقوط العقاب عند التوبة واجباً ، لما جاز تعليق ذلك بالمشيئة على وجه التخيير ، لأنهم ان تابوا وجب قبول توبتهم عند الخصم واسقاط العقاب عنهم ، وان أصرّوا ولم يتوبوا فلا يعفي عنهم ، فلا معنى للتخيير - على قولهم - وانما يصح ذلك على ما نقوله : من أن مع حصول التوبة تحسن المؤاخذة فان عفا فبفضله وان عاقب فبعدله . وقوله { وإما يتوب عليهم } معناه وإما يقبل توبتهم . وقوله { والله عليم حكيم } معناه عالم بما يؤل اليه حالهم { حكيم } فيما يفعله بهم . والفرق بين الآخِر والآخر أن الآخِر يفيد أنه بعد الأول ، والآخر مقابل لأحد في تفصيل ذكر اثنين احدهما كذا والآخر كذا . وقال مجاهد وقتادة : الاية نزلت في هلال بن امية الرافعي وفزارة بن ربعي وكعب بن مالك من الاوس والخزرج ، وكان كعب بن مالك رجل صدق غير مطعون عليه ، وانما تخلف توانياً عن الاستعداد حتى فاته المسير وانصرف رسول الله ولم يعتذر اليه بالكذب . وقال : والله مالي من عذر ، فقال صلى الله عليه وآله : " صدقت فقم حتى يقضي الله فيك " وجاء الرجلان الآخران فقالا مثل ذلك وصدقاً ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن كلامهم بعد ما عذر المنافقين وجميع المتخلفين ، وكانوا نيفاً وثمانين رجلا فاقام هؤلاء الثلاثة على ذلك خمسين ليلة حتى هجرهم ولدانهم ونساؤهم طاعة لرسول الله صلى الله عليه وآله بأمره . وبنى كعب خيمة على سلع يكون فيها وحده . وقال في ذلك : @ أبعد دور بني القين الكرام وما شادوا علي بنيت البيت من سعف @@ ثم نزلت التوبة عليهم في الليل فأصبح المسلمون يبتدرونهم يبشرونهم ، قال كعب : فجئت إلى رسول الله في المسجد وكان اذا سر يستبشر كأن وجهه فلقة قمر فقال لي ووجهه يبرق من السرور : ابشر بخير يوم طلع عليك شرفه منذ ولدتك أمك قال كعب ، فقلت له : أمن عند الله او من عندك يا رسول الله ؟ قال فقال : من عند الله . وتصدق كعب بثلث ما له شكراً لله على توبته .