Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 90, Ayat: 11-20)
Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ ابن كثير وابو عمرو والكسائي { فك رقبة أو إطعم في يوم ذي مسغبة } بغير الف على انه فعل ماض . الباقون { فك رقبة } على الاضافة ويكون الاضافة إلى مفعول { أو إطعام } فوجه الأول قوله { فلا اقتحم العقبة فك رقبة } الثاني أنه على جواب و { ما أدراك ما العقبة } فيكون الجواب بالاسم وتلخيصه هلا اقتحم العقبة ولا يجوز الصراط إلا من كان بهذه الصفة يفك رقبة او يطعم يتيماً فى يوم ذي مسغبة مجاعة ، فلا اقتحم بمعنى لم ، كما قال { فلا صدق ولا صلى } ومعناه لم يصدق ولم يصل ، وإنما لم يكرر ( لا ) لان معنا { ثم كان من الذين آمنوا } يدل على انه لم يقتحم ولم يؤمن ، وقرأ ابو عمرو وحمزة وحفص وخلف { مؤصدة } بالهمز . الباقون بغير همز وهما لغتان ، يقال : أصدت الباب اوصده إيصاداً فهو مؤصد بالهمز ، وأوصدته فهو موصد بغير همز . والوصيد الباب من أوصدت . لما نبه الله تعالى الانسان على وحدانيته وإخلاص عبادته بقوله { ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين } وما فيهما من الدلالة على قدرته وعلمه وانه هدى الانسان طريق الخير والشر ورغبه فى اتباع الخير وزجره عن إتباع الشر ، قال حاثاً له على فعل الخير بقوله { فلا اقتحم العقبة } قال الحسن : عقبة - والله شديدة - مجاهدة الانسان نفسه وهواه وعدوه والشيطان ، ولم يكرر ( لا ) في اللفظ ، وهي بمنزلة المكرر في المعنى كأنه قال : أفلا اقتحم العقبة وحذف الاستفهام ، والمراد به التنبيه ، والاقتحام الدخول على الشدة يقال اقتحم اقتحاماً ، واقحم إقحاماً وتقحم تقحماً وقحم تقحيماً ونظيره الادخال والايلاج . والمعنى هلا دخل في البر على صعوبة كصعوبة اقتحام العقبة ، والعقبة الطريقة التى ترتقى على صعوبة ويحتاج فيها إلى معاقبة الشدة بالتضييق والمخاطرة ، وقيل : العقبة النتئة الضيقة في رأس الجبل يتعاقبها الناس ، فشبهت بها العقبة في وجوه البر التى ذكرها الله تعالى . وعاقب الرجل صاحبه إذا صار في موضعه بدلا منه . وقال قتادة : فلا اقتحم العقبة إنها قحمة شديدة ، فاقتحموها بطاعة الله . وقال أبو عبيدة : معناه فلم يقتحم في الدنيا . ثم فسر العقبة فقال { وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة } وتقديره إقتحام العقبة فك رقبة ، لان العقبة جثة والفك حدث ، فلا يكون خبراً عن جثة . قال ابو علي و ( لا ) إذا كانت بمعنى ( لم ) لم يلزم تكرارها . ثم بين تعالى ما به يكون اقتحام العقبة فقال { فك رقبة } فالفك فرق يزيل المنع ، ويمكن معه أمر لم يكن ممكناً قبل ، كفك القيد والغل ، لانه يزول به المنع ، ويمكن به تصرف في الارض لم يكن قبل ، ففك الرقبة فرق بينها وبين حال الرق بايجاب الحرية وإبطال العبودية . وقوله { أو إطعام في يوم ذي مسغبة } فالمسغبة المجاعة سغب يسغب سغباً إذا جاع ، فهو ساغب قال جرير : @ تعلل وهي ساغبة بنيها بأنفاس من الشبم القراح @@ وقوله { يتيماً } نصب بـ { إطعام } في قراءة من نون نصبه بالمصدر . ومن قرأ على الفعل الماضي نصبه به ، فهو مفعول به في الحالين ، واليتيم الصبي الذي قد مات ابوه وأمه ، والاغلب في اليتيم من الأب في الناس . وقوله { ذا مقربة } معناه ذا قرابة ، ولا يقال : فلان قرابتي وإنما يقال ذو قرابتي ، لانه مصدر ، كما قال الشاعر : @ يبكى الغريب عليه حين يعرفه وذو قرابته في الناس مسرور @@ وقوله { أو مسكيناً } عطف على يتيماً . و { ذا متربة } معناه ذا حاجة شديدة من قولهم : ترب الرجل إذا افتقر - في قول ابن عباس - أيضاً ومجاهد ، يقال : أترب الرجل إذا استغنى ، وترب إذا افتقر . وقوله { ثم كان من الذين آمنوا } معناه كان الانسان من جملة المؤمنين إذا فعل ذلك وعقد الايمان ، ثم أقام على إيمانه { وتواصوا } أي وصى بعضهم بعضاً { بالصبر } على الشدائد والمحن والمصائب { وتواصوا } أيضاً { بالمرحمة } أي وصى بعضهم بعضاً بأن يرحموا الفقراء وذوي المسكنة . وقوله { أولئك أصحاب الميمنة } معناه إنهم متى فعلوا ذلك كانوا أصحاب الميمنة الذين يعطون كتابهم بأيمانهم أو يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة ، والميمنة اليمن والبركة ، والمرحمة حال الرحمة . وقوله { والذين كفروا بآياتنا } معناه إن الذين يجحدون نعم الله ويكذبون أنبياءه { هم أصحاب المشأمة } أي ذات الشمال فيؤخذ بهم الى النار ، ويعطون كتابهم بشمالهم ، واشتقاقه من الشؤم خلاف البركة { عليهم نار مؤصدة } قال ابن عباس ومجاهد والضحاك : معناه عليهم نار مطبقة .