Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 91, Ayat: 11-15)

Tafsir: at-Tibyān fī tafsīr al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرأ اهل المدينة وابن عامر { فلا يخاف } بالفاء وكذلك هي فى مصاحف أهل المدينة وأهل الشام . الباقون بالواو ، وكذلك فى مصاحفهم . يقول الله تعالى مخبراً عن ثمود وهم قوم صالح { كذبت ثمود بطغواها } قال ابن عباس : يعني بعذابها أي بعذاب الطاغية فأتاها ما كذبت به . وقال مجاهد : بمعصيتها - وهو قول ابن زيد - وهو وجه التأويل ، والطغوى والطغيان مجاوزة الحد فى الفساد وبلوغ غايته ، تقول : طغى يطغي إذا جاوز الحد ، ومنه قوله { لما طغى الماء } أي لما تجاوز المقدار على ما جرت به العادة وكثر . وقوله { إذا انبعث أشقاها } أى كان تكذيبها حين انبعث أشقى ثمود ، وقيل اسمه قدار بن سالف . وقال قوم : عقر الناقة هو تكذيبهم . وقيل : لا ، بل هو غيره . وقيل : كانوا أقروا بأن لها شرباً ولهم شرب غير مصدقين بأنه حق . والشقاء شدة الحال فى مقاساة الآلام ، فالاشقا هو الاعظم شقاء ، ونقيض الشقاء السعادة ، ونقيض السعود النحوس يقال : شقي يشقى شقاء ، فهو شقي نقيض سعيد ، واشقاه الله اشقاء . وقوله { فقال لهم رسول الله } يعني صالحاً ، فانه قال لهم : ناقة الله وتقديره فاحذروا ناقة الله ، فهو نصب على الاغراء كما تقول : الأسد الاسد ، أي احذره { وسقياها } فالسقاء الحظ من الماء . وهو النصيب منه ، كما قال تعالى { لها شرب ولكم شرب يوم معلوم } والسقي التعريض للشرب . وقوله { فكذبوه } أي كذب قوم صالح صالحاً ولم يلتفتوا إلى قوله ، { فعقروها } يعني الناقة . فالعقر قطع اللحم بما يسيل الدم عقره يعقره عقراً فهو عاقر ، ومنه عقر الحوض وهو أصله ، والعقر نقض الشيء عن أصل بنية الحيوان ، وعاقر الناقة أحمر ثمود ، وهم يروه وكلهم رضوا بفعله . فعمهم البلاء بأن عاقبهم الله تعالى لرضاهم بفعله . وقوله { فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها } معناه أهلكهم الله تعالى عقوبة على ذنوبهم من تكذيب صالح وعقر الناقة . وقيل : معنى دمدم عليهم دمر عليهم . وقيل : معناه أطبق عليهم بالعذاب يقال دمدمت على الشيء إذا ضيقت عليه ، وناقة مدمدمة قد ألبسها الشحم ، فاذا كررت الاطباق قلت دمدمت . وقيل { دمدم عليهم } أي غضب عليهم ، فالدمدمة ترديد الحال المتكرهة ، وهي مضاعفة ما فيه المشقة ، فضاعف الله تعالى على ثمود العذاب بما ارتكبوا من الطغيان . وقوله { فسواها } أي جعل بعضها على مقدار بعض فى الاندكاك واللصوق بالارض ، فالتسوية تصيير الشيء على مقدار غيره . وقوله { ولا يخاف عقابها } قال ابن عباس والحسن وقتادة ومجاهد : معناه لا يخاف الله تعالى تبعة الدمدمة . وقال الضحاك : معناه لم يخف الذي عقرها عقباها والعقبى والعاقبة واحد ، وهو ما أدى اليه الحال الأولى ، قال ابو علي : من قرأ بالفاء فللعطف على قوله { فكذبوه فعقروها } فلا يخاف كأنه تبع تكذيبهم عقرهم أي لم يخافوا . ومن قرأ ( ولا ) بالواو جعل الجملة فى موضع الحال ، وتقديره فسواها غير خائف عقباها أي غير خائف أن يتعقب عليه فى شيء مما فعله .