Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 13-14)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في الآية مسائل : المسألة الأولى : في بيان كيفية النظم . اعلم أنه تعالى لما حكى عنهم أنهم كانوا يقولون : { ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ ٱلسَّمَاء أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] ثم إنه أجاب عنه بأن ذكر أنه لا صلاح في إجابة دعائهم ، ثم بين أنهم كاذبون في هذا الطلب لأنه لو نزلت بهم آفة أخذوا في التضرع إلى الله تعالى في إزالتها والكشف لها ، بين في هذه الآية ما يجري مجرى التهديد ، وهو أنه تعالى قد ينزل بهم عذاب الاستئصال ولا يزيله عنهم ، والغرض منه أن يكون ذلك رادعاً لهم عن قولهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، لأنهم متى سمعوا أن الله تعالى قد يجيب دعاءهم وينزل عليهم عذاب الاستئصال ، ثم سمعوا من اليهود والنصارى أن ذلك قد وقع مراراً كثيرة . صار ذلك رادعاً لهم وزاجراً عن ذكر ذلك الكلام ، فهذا وجه حسن مقبول في كيفية النظم . المسألة الثانية : قال صاحب « الكشاف » { لَّمّاً } ظرف لأهلكنا ، والواو في قوله : { وَجَاءتْهُمْ } للحال ، أي ظلموا بالتكذيب . وقد جاءتهم رسلهم بالدلائل والشواهد على صدقهم وهي المعجزات ، وقوله : { وَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ } يجوز أن يكون عطفاً على ظلموا ، وأن يكون اعتراضاً ، واللام لتأكيد النفي ، وأن الله قد علم منهم أنهم يصرون على الكفر وهذا يدل على أنه تعالى إنما أهلكهم لأجل تكذيبهم الرسل ، فكذلك يجزى كل مجرم ، وهو وعيد لأهل مكة على تكذيبهم رسول الله ، وقرىء { يَجْزِى } بالياء وقوله : { ثُمَّ جَعَلْنَـٰكُمْ خَلَـٰئِفَ } الخطاب للذين بعث إليهم محمد عليه الصلاة والسلام ، أي استخلفناكم في الأرض بعد القرون التي أهلكناهم ، لننظر كيف تعملون ، خيراً أو شراً ، فنعاملكم على حسب عملكم . بقي في الآية سؤالان : السؤال الأول : كيف جاز النظر إلى الله تعالى وفيه معنى المقابلة ؟ والجواب : أنه استعير لفظ النظر للعلم الحقيقي الذي لا يتطرق الشك إليه ، وشبه هذا العلم بنظر الناظر وعيان المعاين . السؤال الثاني : قوله : { ثُمَّ جَعَلْنَـٰكُمْ خَلَـٰئِفَ فِى ٱلأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } مشعر بأن الله تعالى ما كان عالماً بأحوالهم قبل وجودهم . والجواب : المراد منه أنه تعالى يعامل العباد معاملة من يطلب العلم بما يكون منهم ، ليجازيهم بحسبه كقوله : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [ هود : 7 ] وقد مر نظائر هذا . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " إن الدنيا خضرة حلوة وأن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون " " وقال قتادة : صدق الله ربنا ما جعلنا خلفاء إلا لينظر إلى أعمالنا ، فأروا الله من أعمالكم خيراً ، بالليل والنهار . المسألة الثالثة : قال الزجاج : موضع { كَيْفَ } نصب بقوله : { تَعْمَلُونَ } لأنها حرف ، لاستفهام والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، ولو قلت : لننظر خيراً تعملون أم شراً ، كان العالم في خير وشر تعملون .