Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 30-30)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

واعلم أن هذه الآية كالتتمة لما قبلها . وقوله : { هُنَالِكَ } معناه : في ذلك المقام وفي ذلك الموقف أو يكون المراد في ذلك الوقت على استعارة اسم المكان للزمان ، وفي قوله : { تَبْلُواْ } مباحث : البحث الأول : قرأ حمزة والكسائي { تَتْلُواْ } بتاءين ، وقرأ عاصم { نبلوكُلُّ نَفْسٍ } بالنون ونصب كل والباقون { تَبْلُواْ } بالتاء والباء . أما قراءة حمزة والكسائي فلها وجهان : الأول : أن يكون معنى قوله : { تَتْلُواْ } أي تتبع ما أسلفت ، لأن عمله هو الذي يهديه إلى طريق الجنة وإلى طريق النار . الثاني : أن يكون المعنى : أن كل نفس تقرأ ما في صحيفتها من خير أو شر ومنه قوله تعالى : { ٱقْرَأْ كَتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [ الإسراء : 14 ] وقال : { فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَءونَ كِتَـٰبَهُمْ } [ الإسراء : 71 ] وأما قراءة عاصم فمعناها : أن الله تعالى يقول في ذلك الوقت نختبر كل نفس بسبب اختبار ما أسلفت من العمل ، والمعنى : أنا نعرف حالها بمعرفة حال عملها ، إن كان حسناً فهي سعيدة ، وإن كان قبيحاً فهي شقية ، والمعنى نفعل بها فعل المختبر ، كقوله تعالى : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } [ الملك : 2 ] وأما القراءة المشهورة فمعناها : أن كل نفس نختبر أعمالها في ذلك الوقت . البحث الثاني : الابتلاء عبارة عن الاختبار قال تعالى : { وَبَلَوْنَـٰهُمْ بِٱلْحَسَنَـٰتِ وَٱلسَّيّئَاتِ } [ الأعراف : 168 ] ويقال : البلاء ثم الابتلاء أي الاختبار ينبغي أن يكون قبل الابتلاء . ولقائل أن يقول : إن في ذلك الوقت تنكشف نتائج الأعمال وتظهر آثار الأفعال ، فكيف يجوز تسمية حدوث العلم بالابتلاء ؟ وجوابه : أن الابتلاء سبب لحدوث العلم ، وإطلاق اسم السبب على المسبب مجاز مشهور . وأما قوله : { وَرُدُّواْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقّ } فاعلم أن الرد عبارة عن صرف الشيء إلى الموضع الذي جاء منه ، وههنا فيه احتمالات : الأول : أن يكون المراد من قوله : { وَرُدُّواْ إِلَى ٱللَّهِ } أي وردوا إلى حيث لا حكم إلا لله على ما تقدم من نظائره . والثاني : أن يكون المراد { وَرُدُّواْ } إلى ما يظهر لهم من الله من ثواب وعقاب ، منبهاً بذلك على أن حكم الله بالثواب والعقاب لا يتغير . الثالث : أن يكون المراد من قوله : { وَرُدُّواْ إِلَى ٱللَّهِ } أي جعلوا ملجئين إلى الإقرار بإلهيته ، بعد أن كانوا في الدنيا يعبدون غير الله تعالى ، ولذلك قال : { مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقّ } أعني أعرضوا عن المولى الباطل ورجعوا إلى المولى الحق . وأما قوله : { مَوْلَـٰهُمُ ٱلْحَقّ } فقد مر تفسيره في سورة الأنعام . وأما قوله : { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } فالمراد أنهم كانوا يدعون فيما يعبدونه أنهم شفعاء وأن عبادتهم مقربة إلى الله تعالى ، فنبه تعالى على أن ذلك يزول في الآخرة ، ويعلمون أن ذلك باطل وافتراء واختلاق .