Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 92-93)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أن الكفار لما خوفوا شعيباً عليه السلام بالقتل والإيذاء ، حكى الله تعالى عنه ما ذكره في هذا المقام ، وهو نوعان من الكلام : النوع الأول : قوله : { يٰقَوْمِ أَرَهْطِى أَعَزُّ عَلَيْكُم مّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبّى بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } والمعنى : أن القوم زعموا أنهم تركوا إيذاءه رعاية لجانب قومه . فقال : أنتم تزعمون أنكم تتركون قتلي إكراماً لرهطي ، والله تعالى أولى أن يتبع أمره ، فكأنه يقول : حفظتكم إياي رعاية لأمر الله تعالى أولى من حفظكم إياي رعاية لحق رهطي . وأما قوله : { وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيّاً } فالمعنى : أنكم نسيتموه وجعلتموه كالشيء المنبوذ وراء الظهر لا يعبأ به . قال صاحب « الكشاف » : والظهري منسوب إلى الظهر ، والكسر من تغيرات النسب ونظيره قولهم في النسبة إلى الأمس إمسي بكسر الهمزة ، وقوله : { إِنَّ رَبّى بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } يعني أنه عالم بأحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها . والنوع الثاني : قوله : { ويَـٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنّى عَامِلٌ } والمكانة الحالة يتمكن بها صاحبها من عمله ، والمعنى اعملوا حال كونكم موصوفين بغاية المكنة والقدرة وكل ما في وسعكم وطاقتكم من إيصال الشرور إلي فإني أيضاً عامل بقدر ما آتاني الله تعالى من القدرة . ثم قال : { سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ } وفيه مسألتان : المسألة الأولى : لقائل أن يقول لم لم يقل { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } والجواب : إدخال الفاء وصل ظاهر بحرف موضوع للوصل ، وإما بحذف الفاء فإنه يجعله جواباً عن سؤال مقدر والتقدير : أنه لما قال : { ويَـٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنّى عَامِلٌ } فكأنهم قالوا فماذا يكون بعد ذلك ؟ فقال : { سَوْفَ تَعْلَمُونَ } فظهر أن حذف حرف الفاء ههنا أكمل في باب الفظاعة والتهويل . ثم قال { وَٱرْتَقِبُواْ إِنّى مَعَكُمْ رَقِيبٌ } والمعنى : فانتظروا العاقبة إني معكم رقيب أي منتظر ، والرقيب بمعنى الراقب من رقبه كالضريب والصريم بمعنى الضارب والصارم ، أو بمعنى المراقب كالعشير والنديم ، أو بمعنى المرتقب كالفقير والرفيع بمعنى المفتقر والمرتفع .