Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 111, Ayat: 4-4)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ففيه مسائل : المسألة الأولى : قرىء ومريئته بالتصغير وقرىء حمالة الحطب بالنصب على الشتم ، قال صاحب الكشاف : وأنا أستحب هذه القراءة وقد توسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجميل من أحب شتم أم جميل وقرىء بالنصب والتنوين والرفع . المسألة الثانية : أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان بن حرب عمة معاوية ، وكانت في غاية العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . وذكروا في تفسير كونها حمالة الحطب وجوهاً : أحدها : أنها كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك فتنثرها بالليل في طريق رسول الله ، فإن قيل : إنها كانت من بيت العز فكيف يقال : إنها حمالة الحطب ؟ قلنا : لعلها كانت مع كثرة مالها خسيسة أو كانت لشدة عداوتها تحمل بنفسها الشوك والحطب ، لأجل أن تلقيه في طريق رسول الله وثانيها : أنها كانت تمشي بالنميمة يقال : للمشاء بالنمائم المفسد بين الناس : يحمل الحطب بينهم ، أي يوقد بينهم النائرة ، ويقال للمكثار : هو حاطب ليل وثالثها : قول قتادة : أنها كانت تعير رسول الله بالفقر ، فعيرت بأنها كانت تحتطب والرابع : قول أبي مسلم وسعيد بن جبير : أن المراد ما حملت من الآثام في عداوة الرسول ، لأنه كالحطب في تصيرها إلى النار ، ونظيره أنه تعالى شبه فاعل الإثم بمن يمشي وعلى ظهره حمل ، قال تعالى : { فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَـٰناً وَإِثْماً مُّبِيناً } [ الأحزاب : 58 ] وقال تعالى : { يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } [ الأنعام : 31 ] وقال تعالى : { وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَـٰنُ } [ الأحزاب : 72 ] . المسألة الثالثة : امرأته إن رفعته ، ففيه وجهان أحدهما : العطف على الضمير في { سيصلى } ، أي سيصلى هو وامرأته . و { في جيدها } في موضع الحال والثاني : الرفع على الابتداء ، وفي جيدها الخبر . المسألة الرابعة : عن أسماء لما نزلت { تَبَتْ } جاءت أم جميل ولها ولولة وبيدها حجر ، فدخلت المسجد ، ورسول الله جالس ومعه أبو بكر ، وهي تقول : @ مذمماً قلينا ودينه أبينا وحكمه عصينا @@ فقال أبو بكر : يا رسول الله قد أقبلت إليك فأنا أخاف أن تراك ، فقال عليه السلام : " " إنها لا تراني " " وقرأ : { وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرءانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا } [ الإسراء : 45 ] وقالت لأبي بكر : قد ذكر لي أن صاحبك هجاني ، فقال أبو بكر : لا ورب هذا البيت ما هجاك ، فولت وهي تقول : @ قد علمت قريش أني بنت سيدها @@ وفي هذه الحكاية أبحاث : الأول : كيف جاز في أم جميل أن لا ترى الرسول ، وترى أبا بكر والمكان واحد ؟ الجواب : أما على قول أصحابنا فالسؤال زائل ، لأن عند حصول الشرائط يكون الإدراك جائزاً لا واجباً ، فإن خلق الله الإدراك رأى وإلا فلا ، وأما المعتزلة فذكروا فيه وجوهاً أحدها : لعله عليه السلام أعرض وجهه عنها وولاها ظهره ، ثم إنها كانت لغاية غضبها لم تفتش ، أو لأن الله ألقى في قلبها خوفاً ، فصار ذلك صارفاً لها عن النظر وثانيها : لعل الله تعالى ألقى شبه إنسان آخر على الرسول ، كما فعل ذلك بعيسى وثالثها : لعل الله تعالى حول شعاع بصرها عن ذلك السمت حتى أنها ما رأته . واعلم أن الإشكال على الوجوه الثلاثة لازم ، لأن بهذه الوجوه عرفنا أنه يمكن أن يكون الشيء حاضر ولا نراه ، وإذا جوزنا ذلك فلم لا يجوز أن يكون عندنا فيلات وبوقات ، ولا نراها ولا نسمعها . البحث الثاني : أن أبا بكر حلف أنه ما هجاك ، وهذا من باب المعاريض ، لأن القرآن لا يسمى هجواً ، ولأنه كلام الله لا كلام الرسول ، فدلت هذه الحكاية على جواز المعاريض . بقي من مباحث هذه الآية سؤالان : السؤال الأول : لم لم يكتف بقوله : { وَٱمْرَأَتُهُ } بل وصفها بأنها حمالة الحطب ؟ الجواب : قيل : كان له امرأتان سواها فأراد الله تعالى أن لا يظن ظان أنه أراد كل من كانت امرأة له ، بل ليس المراد إلا هذه الواحدة . السؤال الثاني : أن ذكر النساء لا يليق بأهل الكرم والمروءة ، فكيف يليق ذكرها بكلام الله ، ولا سيما امرأة العم ؟ الجواب : لما لم يستبعد في امرأة نوح وامرأة لوط بسبب كفر تينك المرأتين ، فلأن لا يستعبد في امرأة كافرة زوجها رجل كافر أولى .