Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 113, Ayat: 4-4)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فيه مسائل : المسألة الأولى : في الآية قولان : الأول : أن النفث النفخ مع ريق ، هكذا قاله صاحب الكشاف ، ومنهم من قال : إنه النفخ فقط ، ومنه قوله عليه السلام : " " إن جبريل نفث في روعي " " والعقد جمع عقدة ، والسبب فيه أن الساحر إذا أخذ في قراءة الرقية أخذ خيطاً ، ولا يزال يعقد عليه عقداً بعد عقد وينفث في تلك العقد ، وإنما أنت النفاثات لوجوه أحدها : أن هذه الصناعة إنما تعرف بالنساء لأنهن يعقدن وينفثن ، وذلك لأن الأصل الأعظم فيه ربط القلب بذلك الأمر وإحكام الهمة والوهم فيه ، وذلك إنما يتأتى من النساء لقلة علمهن وشدة شهوتهن ، فلا جرم كان هذا العمل منهن أقوى ، قال أبو عبيدة : النفـاثـات هن بنات لبيد بن أعصم اليهودي سحرن النبي صلى الله عليه وسلم وثانيها : أن المراد من : النفـاثـات النفوس وثالثها : المراد منها الجماعات ، وذلك لأنه كلما كان اجتماع السحرة على العمل الواحد أكثر كان التأثير أشد القول الثاني : وهو اختيار أبي مسلم : { مِن شَرّ ٱلنَّفَّـٰثَـٰتِ } أي النساء في العقد ، أي في عزائم الرجال وآرائهم وهو مستعار من عقد الحبال ، والنفث وهو تليين العقدة من الحبل بريق يقذفه عليه ليصير حله سهلاً ، فمعنى الآية أن النساء لأجل كثرة حبهن في قلوب الرجال يتصرفن في الرجال يحولنهم من رأي إلى رأي ، ومن عزيمة إلى عزيمة ، فأمر الله رسوله بالتعوذ من شرهن كقوله : { إِنَّ مِنْ أَزْوٰجِكُمْ وَأَوْلـٰدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ } [ التغابن : 14 ] فلذلك عظم الله كيدهن فقال : { إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } [ يوسف : 28 ] . واعلم أن هذا القول حسن ، لولا أنه على خلاف قول أكثر المفسرين . المسألة الثالثة : أنكرت المعتزلة تأثير السحر ، وقد تقدمت هذه المسألة ، ثم قالوا : سبب الاستعاذة من شرهن لثلاثة أوجه أحدها : أن يستعاذ من إثم عملهن في السحر والثاني : أن يستعاذ من فتنتهن الناس بسحرهن والثالث : أن يستعاذ من إطعامهن الأطعمة الرديئة المورثة للجنون والموت .