Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 115-115)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أن هذه الآية إلى آخرها مذكورة في سورة البقرة مفسرة هناك ولا فائدة في الإعادة وأقول : إنه تعالى حصر المحرمات في هذه الأشياء الأربعة في هذه السورة لأن لفظة : { إِنَّمَا } تفيد الحصر وحصرها أيضاً في هذه الأربعة في سورة الأنعام في قوله تعالى : { قُل لا أَجِدُ فِيمَا أُوْحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ } [ الأنعام : 145 ] وهاتان السورتان مكيتان ، وحصرها أيضاً في هذه الأربعة في سورة البقرة لأن هذه الآية بهذه اللفظة وردت في سورة البقرة وحصرها أيضاً في سورة المائدة فإنه تعالى قال في أول هذه السورة : { أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ } [ المائدة : 1 ] فأباح الكل إلا ما يتلى عليهم . وأجمعوا على أن المراد بقوله : { عَلَيْكُمْ } هو قوله تعالى في تلك السورة : { حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ } [ المائدة : 3 ] فذكر تلك الأربعة المذكورة في تلك السور الثلاثة ثم قال : { وَٱلْمُنْخَنِقَةُ وَٱلْمَوْقُوذَةُ وَٱلْمُتَرَدّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ } [ المائدة : 3 ] وهذه الأشياء داخلة في الميتة ، ثم قال : { وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ } وهو أحد الأقسام الداخلة تحت قوله : { وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ } فثبت أن هذه السور الأربعة دالة على حصر المحرمات في هذه الأربع سورتان مكيتان ، وسورتان مدنيتان ، فإن سورة البقرة مدنية . وسورة المائدة من آخر ما أنزل الله تعالى بالمدينة ، فمن أنكر حصر التحريم في هذه الأربع إلا ما خصه الإجماع والدلائل القاطعة كان في محل أن يخشى عليه ، لأن هذه السورة دلت على أن حصر المحرمات في هذه الأربع كان شرعاً ثابتاً في أول أمر مكة وآخرها ، وأول المدينة وآخرها وأنه تعالى أعاد هذا البيان في هذه السور الأربع قطعاً للأعذار وإزالة للشبهة ، والله أعلم .