Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 16-16)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

النوع الخامس وهذا من باب الآداب ، أي هلا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ، وإنما وجب عليهم الامتناع منه لوجوه : أحدها : أن المقتضى لكونهم تاركين لهذا الفعل قائم وهو العقل والدين ، ولم يوجد ما يعارضه فوجب أن يكون ظن كونهم تاركين للمعصية أقوى من ظن كونهم فاعلين لها ، فلو أنه أخبر عن صدور المعصية لكان قد رجح المرجوح على الراجح وهو غير جائز وثانيها : وهو أنه يتضمن إيذاء الرسول وذلك سبب للعن لقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِى ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } [ الأحزاب : 57 ] وثالثها : أنه سبب لإيذاء عائشة وإيذاء أبويها ومن يتصل بهم من غير سبب عرف إقدامهم عليه ، ولا جناية عرف صدورها عنهم ، وذلك حرام ورابعها : أنه إقدام على ما يجوز أن يكون سبباً للضرر مع الاستغناء عنه ، والعقل يقتضي التباعد عنه لأن القاذف بتقدير كونه صادقاً لا يستحق الثواب على صدقه بل يستحق العقاب لأنه أشاع الفاحشة ، وبتقدير كونه كاذباً فإنه يستحق العقاب العظيم ، ومثل ذلك مما يقتضي صريح العقل الاحتراز عنه وخامسها : أنه تضييع للوقت بما لا فائدة فيه ، وقال عليه الصلاة والسلام : " " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " " وسادسها : أن في إظهار محاسن الناس وستر مقابحهم تخلقاً بأخلاق الله تعالى ، وقال عليه السلام : " " تخلقوا بأخلاق الله " " فهذه الوجوه توجب على العاقل أنه إذا سمع القذف أن يسكت عنه وأن يجتهد في الاحتراز عن الوقوع فيه ، فإن قيل كيف جاز الفصل بين لولا وبين قلتم بالظرف ؟ قلنا الفائدة فيه أنه كان الواجب عليهم أن يحترزوا أول ما سمعوا بالإفك عن التكلم به . أما قوله : { سُبْحَـٰنَكَ هَـٰذَا بُهْتَـٰنٌ عَظِيمٌ } ففيه سؤالان : السؤال الأول : كيف يليق سبحانك بهذا الموضع ؟ الجواب : من وجوه : الأول : المراد منه التعجب من عظم الأمر ، وإنما استعمل في معنى التعجب لأنه يسبح الله عند رؤية العجيب من صانعه ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه الثاني : المراد تنزيه الله تعالى عن أن تكون زوجة نبيه فاجرة الثالث : أنه منزه عن أن يرضى بظلم هؤلاء الفرقة المفترين الرابع : أنه منزه عن أن لا يعاقب هؤلاء القذفة الظلمة . السؤال الثاني : لم أوجب عليهم أن يقولوا هذا بهتان عظيم مع أنهم ما كانوا عالمين بكونه كذباً قطعاً ؟ والجواب : من وجهين : الأول : أنهم كانوا متمكنين من العلم بكونه بهتاناً ، لأن زوجة الرسول لا يجوز أن تكون فاجرة الثاني : أنهم لما جزموا أنهم ما كانوا ظانين له بالقلب كان إخبارهم عن ذلك الجزم كذباً ، ونظيره قوله : { وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ لَكَـٰذِبُونَ } [ المنافقون : 1 ] .