Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 15-17)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أن موسى عليه السلام طلب أمرين : الأول : أن يدفع عنه شرهم والثاني : أن يرسل معه هرون فأجابه الله تعالى إلى الأول بقوله : { كَلاَّ } ومعناه ارتدع يا موسى عما تظن وأجابه إلى الثاني بقوله : { فَٱذْهَبَا } أي اذهب أنت والذي طلبته وهو هرون فإن قيل علام عطف قوله : { فَٱذْهَبَا } قلنا على الفعل الذي يدل عليه كلا كأنه قال : ارتدع يا موسى عما تظن فاذهب أنت وهرون . وأما قوله : { إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } فمن مجاز الكلام يريد أنا لكما ولعدوكما كالناصر الظهير لكما عليه إذاً أحضر وأستمع ما يجري بينكما فأظهركما عليه وأعليكما وأكسر شوكته عنكما ، وإنما جعلنا الاستماع مجازاً لأن الاستماع عبارة عن الإصغاء وذلك على الله تعالى محال . وأما قوله : { إِنَّا رَسُولُ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } ففيه سؤال وهو أنه هلا ثنى الرسول كما ثنى في قوله : { إِنَّا رَسُولاَ رَبّكَ } جوابه من وجوه : أحدها : أن الرسول اسم للماهية من غير بيان أن تلك الماهية واحدة أو كثيرة والألف واللام لا يفيدان إلا الوحدة لا الاستغراق ، بدليل أنك تقول الإنسان هو الضحاك ولا تقول كل إنسان هو الضحاك ولا أيضاً هذا الإنسان هو الضحاك ، وإذا ثبت أن لفظ الرسول لا يفيد إلا الماهية وثبت أن الماهية محمولة على الواحد وعلى الاثنين ثبت صحة قوله : { إِنَّا رَسُولُ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } وثانيها : أن الرسول قد يكون بمعنى الرسالة قال الشاعر : @ لقد كذب الواشون ما فهت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول @@ فيكون المعنى إنا ذو رسالة رب العالمين وثالثها : أنهما لاتفاقهما على شريعة واحدة واتحادهما بسبب الأخوة كأنهما رسول واحد ورابعها : المراد كل واحد منا رسول وخامسها : ما قاله بعضهم أنه إنما قال ذلك لا بلفظ التثنية لكونه هو الرسول خاصة وقوله : { إنا } فكما في قوله تعالى : { إِنَّا أَنزَلْنَـٰهُ } [ يوسف : 2 ] وهو ضعيف . وأما قوله : { أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إِسْرٰءيلَ } فالمراد من هذا الإرسال التخلية والإطلاق كقولك أرسل البازي ، يريد خلهم يذهبوا معنا .