Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 147-147)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وفيه مسألتان : المسألة الأولى : قوله : { وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا } يدل على أن فعل العبد خلق الله تعالى ، والمعتزلة يحملونه على فعل الألطاف . المسألة الثانية : بين تعالى أنهم كانوا مستعدين عند ذلك التصبر والتجلد بالدعاء والتضرع بطلب الأمداد والإعانة من الله ، والغرض منه أن يقتدي بهم في هذه الطريقة أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن من عول في تحصيل مهماته على نفسه ذل ، ومن اعتصم بالله فاز بالمطلوب ، قال القاضي : إنما قدموا قولهم : { ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا } لأنه تعالى لما ضمن النصرة للمؤمنين ، فاذا لم تحصل النصرة وظهر أمارات استيلاء العدو ، دل ذلك ظاهراً على صدور ذنب وتقصير من المؤمنين فلهذا المعنى يجب عليهم تقديم التوبة والاستغفار على طلب النصرة ، فبين تعالى أنهم بدأوا بالتوبة عن كل المعاصي وهو المراد بقوله : { ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا } فدخل فيه كل الذنوب ، سواء كانت من الصغائر أو من الكبائر ، ثم إنهم خصوا الذنوب العظيمة الكبيرة منها بالذكر بعد ذلك لعظمها وعظم عقابها وهو المراد من قوله : { وَإِسْرَافَنَا فِى أَمْرِنَا } لان الإسراف في كل شيء هو الإفراط فيه ، قال تعالى : { قُلْ يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } [ الزمر : 53 ] وقال : { فَلاَ يُسْرِف فّى ٱلْقَتْلِ } [ الإسراء : 33 ] وقال : { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ } [ الأعراف : 31 ] ويقال : فلان مسرف اذا كان مكثرا في النفقة وغيرها ، ثم إنهم لما فرغوا من ذلك سألوا ربهم أن يثبت أقدامهم ، وذلك بإزالة الخوف عن قلوبهم ، وإزالة الخواطر الفاسدة عن صدورهم ، ثم سألوا بعد ذلك أن ينصرهم على القوم الكافرين ، لان هذه النصرة لا بد فيها من أمور زائدة على ثبات أقدامهم ، وهو كالرعب الذي يلقيه في قلوبهم ، واحداث أحوال سماوية أو أرضية توجب انهزامهم ، مثل هبوب رياح تثير الغبار في وجوههم ، ومثل جريان سيل في موضع وقوفهم ، ثم قال القاضي : وهذا تأديب من الله تعالى في كيفية الطلب بالأدعية عند النوائب والمحن سواء كان في الجهاد أو غيره .