Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 168-168)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أن الذين حكى الله عنهم أنهم قالوا : { لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَـٰكُمْ } [ آل عمران : 167 ] وصفهم الله تعالى بأنهم كما قعدوا واحتجوا لقعودهم ، فكذلك ثبطوا غيرهم واحتجوا لذلك ، فحكى الله تعالى عنهم أنهم قالوا لاخوانهم إن الخارجين لو أطاعونا ما قتلوا ، فخوفوا من مراده موافقة الرسول صلى الله عليه وسلم في محاربة الكفار بالقتل لما عرفوا ما جرى يوم أحد من الكفار على المسلمين من القتل ، لأن المعلوم من الطباع محبة الحياة فكان وقوع هذه الشبهة في القلوب يجري مجرى ما يورده الشيطان من الوسواس ، وفي الآية مسائل : المسألة الأولى : في محل { ٱلَّذِينَ } وجوه : أحدها : النصب على البدل من { ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ } [ آل عمران : 167 ] وثانيها : الرفع على البدل من الضمير في { يَكْتُمُونَ } [ آل عمران : 167 ] وثالثها : الرفع على خبر الابتداء بتقدير : هم الذين ، ورابعها : أن يكون نصبا على الذم . المسألة الثانية : قال المفسرون : المراد بِٱلَّذِينَ قَالُواْ عبدالله بن أبي وأصحابه ، وقال الأصم : هذا لا يجوز لأن عبدالله بن أبي خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد يوم أحد ، وهذا القول فهو واقع فيمن قد تخلف لأنه قال : { ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوٰنِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا } أي في القعود ما قتلوا فهو كلام متأخر عن الجهاد ، قاله لمن خرج الى الجهاد ولمن هو قوي النية في ذلك ليجعله شبهة فيما بعده صارفاً لهم عن الجهاد . المسألة الثالثة : قالوا لاخوانهم : أي قالوا لأجل إخوانهم ، وقد سبق بيان المراد من هذه الأخوة ، الأخوة في النسب ، أو الأخوة بسبب المشاركة في الدار ، أو في عداوة الرسول صلى الله عليه وسلم أو في عبادة الأوثان ؟ والله أعلم . المسألة الرابعة : قال الواحدي : الواو في قوله : { وَقَعَدُواْ } للحال ومعنى هذا القعود القعود عن الجهاد يعني من قتل بأحد لو قعدوا كما قعدنا وفعلوا كما فعلنا لسلموا ولم يقتلوا ، ثم أجاب الله عن ذلك بقوله : { قل فادرؤا عن أنفسكم الموت ان كنتم صادقين } . فإن قيل : ما وجه الاستدلال بذلك مع أن الفرق ظاهر فان التحرز عن القتل ممكن ، أما التحرز عن الموت فهو غير ممكن ألبتة ؟ والجواب : هذا الدليل الذي ذكره الله تعالى لا يتمشى إلا إذا اعترفنا بالقضاء والقدر ، وذلك لأنا إذا قلنا لا يدخل الشيء في الوجود إلا بقضاء الله وقدره ، اعترفنا بأن الكافر لا يقتل المسلم إلا بقضاء الله ، وحينئذ لا يبقى بين القتل وبين الموت فرق ، فيصح الاستدلال . أما إذا قلنا بأن فعل العبد ليس بتقدير الله وقضائه ، كان الفرق بين الموت والقتل ظاهراً من الوجه الذي ذكرتم ، فتفضي إلى فساد الدليل الذي ذكره الله تعالى ، ومعلوم أن المفضي إلى ذلك يكون باطلا ، فثبت أن هذه الآية دالة على أن الكل بقضاء الله . وقوله : { ان كنتم صادقين } يعني : إن كنتم صادقين في كونكم مشتغلين بالحذر عن المكاره ، والوصول إلى المطالب .