Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 42-42)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما بين حالهم بظهور الفساد في أحوالهم بسبب فساد أقوالهم بين لهم هلاك أمثالهم وأشكالهم الذين كانت أفعالهم كأفعالهم فقال : { قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ } أي قوم نوح وعاد وثمود ، وهذا ترتيب في غاية الحسن وذلك لأنه في وقت الامتنان والإحسان قال : { ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ } [ مريم : 40 ] أي آتاكم الوجود ثم البقاء ووقت الخذلان بالطغيان قال : { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ } [ الروم : 41 ] أي قلل رزقكم ، ثم قال تعالى : { سِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } أي هو أعدمكم كم أعدم من قبلكم ، فكأنه قال أعطاكم الوجود والبقاء ، ويسلب منكم الوجود والبقاء ، وأما سلب البقاء فبإظهار الفساد ، وأما سلب الوجود فبالإهلاك ، وعند الإعطاء قدم الوجود على البقاء ، لأن الوجود أولاً ثم البقاء ، وعند السلب قدم البقاء ، وهو الاستمرار ثم الوجود . وقوله : { كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } يحتمل وجوهاً ثلاثة أحدها : أن الهلاك في الأكثر كان بسبب الشرك الظاهر وإن كان بغيره أيضاً كالإهلاك بالفسق والمخالفة كما كان على أصحاب السبت الثاني : أن كل كافر أهلك لم يكن مشركاً بل منهم من كان معطلاً نافياً لكنهم قليلون ، وأكثر الكفار مشركون الثالث : أن العذاب العاجل لم يختص بالمشركين حين أتى ، كما قال تعالى : { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً } [ الأنفال : 25 ] بل كان على الصغار والمجانين ، ولكن أكثرهم كانوا مشركين .