Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 43-44)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما نهى الكافر عما هو عليه ، أمر المؤمن بما هو عليه وخاطب النبـي عليه السلام ليعلم المؤمن فضيلة ما هو مكلف به فإنه أمر به أشرف الأنبياء ، وللمؤمنين في التكليف مقام الأنبياء كما قال عليه الصلاة والسلام : " " إن الله أمر عباده المؤمنين بما أمر به عباده المرسلين " " وقد ذكرنا معناه ، وقوله : { مِن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ } يحتمل وجهين الأول : أن يكون قوله : { مِنَ ٱللَّهِ } متعلقاً بقوله : { يَأْتِىَ } والثاني : أن يكون المراد { لاَّ مَرَدَّ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ } أي الله لا يرد وغيره عاجز عن رده فلا بد من وقوعه { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } أي يتفرقون . ثم أشار إلى التفرق بقوله : { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } وفي الآية مسائل : المسألة الأولى : قال : { مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً } ولم يقل ومن آمن وذلك لأن العمل الصالح به يكمل الإيمان فذكره تحريضاً للمكلف عليه ، وأما الكفر إذا جاء فلا زنة للعمل معه ، ووجه آخر : وهو أن الكفر قسمان : أحدهما : فعل وهو الإشراك والقول به ، والثاني : ترك وهو عدم النظر والإيمان فالعاقل البالغ إذا كان في مدينة الرسول ولم يأت بالإيمان فهو كافر سواء قال بالشرك أو لم يقل ، لكن الإيمان لا بد معه من العمل الصالح ، فإن الاعتقاد الحق عمل القلب ، وقول لا إله إلا الله عمل اللسان وشيء منه لا بد منه . المسألة الثانية : قال : { فَعَلَيْهِ } فوحد الكناية وقال : { فَلأَنفُسِهِمْ } جمعها إشارة إلى أن الرحمة أعم من الغضب فتشمله وأهله وذريته ، أما الغضب فمسبوق بالرحمة ، لازم لمن أساء . المسألة الثالثة : قال : { فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ } ولم يبين وقال في المؤمن { فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ } تحقيقاً لكمال الرحمة فإنه عند الخير بين وفصل بشارة ، وعند غيره أشار إليه إشارة .