Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 33-33)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً } . لما ذكر المستكبرون أنا ما صددناكم وما صدر منا ما يصلح مانعاً وصارفاً اعترف المستضعفون به وقالوا : { بَلْ مَكْرُ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } منعنا ، ثم قالوا لهم إنكم وإن كنتم ما أتيتم بالصارف القطعي والمانع القوي ولكن انضم أمركم إيانا بالكفر إلى طول الأمد والامتداد في المدد فكفرنا فكان قولكم جزء السبب ، ويحتمل وجهاً آخر وهو أن يكون المراد بل مكركم بالليل والنهار فحذف المضاف إليه . وقوله : { إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِٱللَّهِ } أي ننكره { وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً } هذا يبين أن المشرك بالله مع أنه في الصورة مثبت لكنه في الحقيقة منكر لوجود الله لأن من يساويه المخلوق المنحوت لا يكون إلهاً ، وقوله في الأول : { يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ } يقول الذين استضعفوا بلفظ المستقبل ، وقوله في الآيتين المتأخرتين { وَقَالَ ٱلَّذِي ٱسْتَكْبَرُواْ ، وَقَالَ ٱلَّذِي ٱسْتُضْعِفُواْ } بصيغة الماضي مع أن السؤال والتراجع في القول لم يقع إشارة إلى أن ذلك لا بد وأن يقع ، فإن الأمر الواجب الوقوع يوجد كأنه وقع ، ألا ترى إلى قوله تعالى : { إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ } [ الزمر : 30 ] . ثم قال تعالى : { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱْلَعَذَابَ وَجَعَلْنَا ٱلأَغْلَـٰلَ فِى أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } . معناه أنهم يتراجعون القول في الأول ، ثم إذا جاءهم العذاب الشاغل يسرون ذلك التراجع الدال على الندامة ، وقيل معنى الإسرار الإظهار أي أظهروا الندامة ، ويحتمل أن يقال بأنهم لما تراجعوا في القول رجعوا إلى الله بقولهم : { رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَـٰلِحاً } [ السجدة : 12 ] ثم أجيبوا وأخبروا بأن لا مرد لكم فأسروا ذلك القول ، وقوله : { وَجَعَلْنَا ٱلأَغْلَـٰلَ فِى أَعْنَاقِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } إشارة إلى كيفية العذاب وإلى أن مجرد الرؤية ليس كافياً بل لما رأوا العذاب قطعوا بأنهم واقعون فيه فتركوا الندم ووقعوا فيه فجعل الأغلال في أعناقهم ، وقوله : { يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } إشارة إلى أن ذلك حقهم عدلاً .