Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 42-42)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وفيه مسائل : المسألة الأولى : الخطاب بقوله : { بَعْضُكُمْ } مع من ؟ نقول يحتمل أن يكون الملائكة لسبق قوله تعالى : { أَهَـؤُلاَء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } [ سبأ : 40 ] وعلى هذا يكون ذلك تنكيلاً للكافرين حيث بين لهم أن معبودهم لا ينفع ولا يضر ، ويصحح هذا قوله تعالى : { لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَـٰعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } [ مريم : 87 ] وقوله : { وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ } [ الأنبياء : 28 ] ولأنه قال بعده : { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ } فأفردهم ولو كان المخاطب هم الكفار لقال فذوقوا . وعلى هذا يكون الكفار داخلين في الخطاب حتى يصح معنى قوله : { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ } أي الملائكة للكفار ، والحاضر الواحد يجوز أن يجعل من يشاركه في أمر مخاطباً بسببه ، كما يقول القائل لواحد حاضر له شريك في كلام أنتم قلتم ، على معنى أنت قلت ، وهم قالوا ، ويحتمل أن يكون معهم الجن أي لا يملك بعضكم لبعض أيها الملائكة والجن ، وإذا لم تملكوها لأنفسكم فلا تملكوها لغيركم ويحتمل أن يكون المخاطب هم الكفار لأن ذكر اليوم يدل على حضورهم ، وعلى هذا فقوله : { وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } إنما ذكره تأكيداً لبيان حالهم في الظلم ، وسبب نكالهم من الإثم ولو قال : { فَذُوقُواْ عَذَاب ٱلنَّارِ } لكان كافياً لكنه ، لا يحصل ما ذكرنا من الفائدة ، فإنهم كلما كانوا يسمعون ما كانوا عليه من الظلم والعناد والإثم والفساد يتحسرون ويندمون . المسألة الثانية : قوله : { نَّفْعاً } مفيد للحسرة ، وأما الضر فما الفائدة فيه مع أنهم لو كانوا يملكون الضر لما نفع الكافرين ذلك ؟ فنقول لما كانت العبادة تقع لدفع ضر المعبود كما يعبد الجبار ويخدم مخافة شره بين أنهم ليس فيهم ذلك الوجه الذي يحسن لأجله عبادتهم . المسألة الثالثة : قال : ههنا { عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ } وقال في السجدة : { عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ } جعل المكذب هنالك العذاب وجعل المكذب ههنا النار وهم كانوا يكذبون بالكل ، والفائدة فيها أن هناك لم يكن أول ما رأوا النار بل كانوا هم فيها من زمان بدليل قوله تعالى : { كُلَّمَا أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَا أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ } [ السجدة : 20 ] أي العذاب المؤبد الذي أنكرتموه بقولكم : { لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً } [ البقرة : 80 ] أي قلتم إن العذاب إن وقع فلا يدوم فذوقوا الدائم ، وههنا أول ما رأوا النار لأنه مذكور عقيب الحشر والسؤال فقيل لهم : هذه { ٱلنَّارِ ٱلَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ } .