Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 104-104)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أنه تعالى لما ذكر بعض الأحكام التي يحتاج المجاهد إلى معرفتها عاد مرة أخرى إلى الحث على الجهاد فقال { وَلاَ تَهِنُواْ } أي ولا تضعفوا ولا تتوانوا { فِى ٱبْتِغَاء ٱلْقَوْمِ } أي في طلب الكفار بالقتال ، ثم أورد الحجة عليهم في ذلك فقال : { إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون } والمعنى أن حصول الألم قدر مشترك بينكم وبينهم ، فلما لم يصر خوف الألم مانعاً لهم عن قتالكم فكيف صار مانعاً لكم عن قتالهم ، ثم زاد في تقرير الحجة وبين أن المؤمنين أولى بالمصابرة على القتال من المشركين ، لأن المؤمنين مقرون بالثواب والعقاب والحشر والنشر ، والمشركين لا يقرون بذلك ، فإذا كانوا مع إنكارهم الحشر والنشر يجدون في القتال فأنتم أيها المؤمنون المقرون بأن لكم في هذا الجهاد ثواباً عظيماً وعليكم في تركه عقاباً عظيماً ، أولى بأن تكونوا مجدين في هذا الجهاد ، وهو المراد من قوله تعالى : { وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ } ويحتمل أيضاً أن يكون المراد من هذا الرجاء ما وعدهم الله تعالى في قوله { لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ } [ التوبة : 33 ] [ الفتح : 28 ] [ الصف : 9 ] وفي قوله { يَـٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الأنفال : 64 ] وفيه وجه ثالث ، وهو أنكم تعبدون الإلۤه العالم القادر السميع البصير فيصح منكم أن ترجوا ثوابه ، وأما المشركون فإنهم يعبدون الأصنام وهي جمادات ، فلا يصح منهم أن يرجوا من تلك الأصنام ثواباً أو يخافوا منها عقاباً . وقرأ الأعرج { إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ } بفتح الهمزة بمعنى : ولا تهنوا لأن تكونوا تألمون ، وقوله { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ } تعليل . ثم قال : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } أي لا يكلفكم شيئاً ولا يأمركم ولا ينهاكم إلا بما هو عالم بأنه سبب لصلاحكم في دينكم ودنياكم .