Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 16-16)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما بيّن الله تعالى حال الكافر ذكر حال المنافق بأنه من الكفار ، وقوله { وَمِنْهُمُ } يحتمل أن يكون الضمير عائداً إلى الناس ، كما قال تعالى في سورة البقرة { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءامَنَّا بِٱللَّهِ } [ البقرة : 8 ] بعد ذكر الكفار ، ويحتمل أن يكون راجعاً إلى أهل مكة ، لأن ذكرهم سبق في قوله تعالى : { هِىَ أَشَدُّ قُوَّةً مّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِى أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَـٰهُمْ } [ محمد : 13 ] ويحتمل أن يكون راجعاً إلى معنى قوله { كَمَنْ هُوَ خَـٰلِدٌ فِى ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَاء حَمِيماً } [ محمد : 15 ] يعني ومن الخالدين في النار قوم يستمعون إليك ، وقوله { حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ } على ما ذكرنا حمل على المعنى الذي هو الجمع ، ويستمع حمل على اللفظ ، وقد سبق التحقيق فيه ، وقوله { حَتَّىٰ } للعطف في قول المفسرين ، وعلى هذا فالعطف بحتى لا يحسن إلا إذا كان المعطوف جزءاً من المعطوف عليه إما أعلاه أو دونه ، كقول القائل : أكرمني الناس حتى الملك ، وجاء الحاج حتى المشاة ، وفي الجملة ينبغي أن يكون المعطوف عليه من حيث المعنى ، ولا يشترط في العطف بالواو ذلك ، فيجوز أن تقول في الواو : جاء الحاج وما علمت ، ولا يجوز مثل ذلك في حتى ، إذا علمت هذا فوجه التعلق ههنا هو أن قوله { حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ } يفيد معنى زائداً في الاستماع كأنه يقول : يستمعون استماعاً بالغاً جيداً ، لأنهم يستمعون وإذا خرجوا يستعيدون من العلماء كما يفعله المجتهد في التعلم الطالب للتفهم ، فإن قلت فعلى هذا يكون هذا صفة مدح لهم ، وهو ذكرهم في معرض الذم ، نقول يتميز بما بعده ، وهو أحد أمرين : إما كونهم بذلك مستهزئين ، كالذكي يقول للبليد : أعد كلامك حتى أفهمه ، ويرى في نفسه أنه مستمع إليه غاية الاستماع ، وكل أحد يعلم أنه مستهزىء غير مستفيد ولا مستعيد ، وإما كونهم لا يفهمون مع أنهم يستمعون ويستعيدون ، ويناسب هذا الثاني قوله تعالى : { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَـٰفِرِينَ } [ الأعراف : 101 ] ، والأول : يؤكده قوله تعالى : { وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَـٰطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءونَ } [ البقرة : 14 ] . والثاني : يؤكده قوله تعالى : { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ ءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَـٰنُ فِى قُلُوبِكُمْ } [ الحجرات : 14 ] وقوله { ءانِفاً } قال بعض المفسرين : معناه الساعة ، ومنه الاستئناف وهو الابتداء ، فعلى هذا فالأولى أن يقال يقولون ماذا قال آنفاً بمعنى أنهم يستعيدون كلامه من الابتداء ، كما يقول المستعيد للمعيد : أعد كلامك من الابتداء حتى لا يفوتني شيء منه . ثم قال تعالى : { أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُواْ أَهْوَاءهُمْ } . أي تركوا اتباع الحق إما بسبب عدم الفهم ، أو بسبب عدم الاستماع للاستفادة واتبعوا ضده