Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 102-102)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال المفسرون : يعني قوم صالح سألوا الناقة ثم عقروها وقوم موسى قالوا : { أَرِنَا ٱللَّهِ جَهْرَةً } [ النساء : 153 ] فصار ذلك وبالاً عليهم ، وبنو إسرائيل { قَالُواْ لِنَبِىّ لَّهُمُ ٱبْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَـٰتِلْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ } قال تعالى : فما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلاً منهم [ البقرة : 246 ] و { قَالُواْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ } [ البقرة : 247 ] فسألوها ثم كفروا بها ، وقوم عيسى سألوا المائدة ثم كفروا بها ، فكأنه تعالى يقول أولئك سألوا فلما أعطوا سؤالهم ساءهم ذلك فلا تسألوا عن أشياء فلعلكم إن أعطيتم سؤلكم ساءكم ذلك فإن قيل : إنه تعالى قال : أولا : { لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء } [ المائدة : 101 ] ثم قال ههنا : { قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مّن قَبْلِكُمْ } وكان الأولى أن يقول : قد سأل عنها قوم فما السبب في ذلك . قلنا الجواب من وجهين : الأول : أن السؤال عن الشيء عبارة عن السؤال عن حالة من أحواله ، وصفة من صفاته ، وسؤال الشيء عبارة عن طلب ذلك الشيء في نفسه ، يقال : سألته درهماً أي طلبت منه الدرهم ويقال : سألته عن الدرهم أي سألته عن صفة الدرهم وعن نعته ، فالمتقدمون إنما سألوا من الله إخراج الناقة من الصخرة ، وإنزال المائدة من السماء ، فهم سألوا نفس الشيء ، وأما أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فهم ما سألوا ذلك ، وإنما سألوا عن أحوال الأشياء وصفاتها ، فلما اختلف السؤالان في النوع ، اختلفت العبارة أيضاً إلا أن كلا القسمين يشتركان في وصف واحد ، وهو أنه خوض في الفضول ، وشروع فيما لا حاجة إليه ، وفيه خطر المفسدة ، والشيء الذي لا يحتاج إليه ويكون فيه خطر المفسدة ، يجب على العاقل الاحتراز عنه ، فبيّـن تعالى أن قوم محمد عليه السلام في السؤال عن أحوال الأشياء مشابهون لأولئك المتقدمين في سؤال تلك الأشياء في كون كل واحد منهما فضولاً وخوضاً فيما لا فائدة فيه . الوجه الثاني : في الجواب أن الهاء في قوله { قَدْ سَأَلَهَا } غير عائدة إلى الأشياء التي سألوا عنها ، بل عائدة إلى سؤالاتهم عن تلك الأشياء ، والتقدير : قد سأل تلك السؤالات الفاسدة التي ذكرتموها قوم من قبلكم ، فلما أجيبوا عنها أصبحوا بها كافرين .