Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 76-76)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا دليل آخر على فساد قول النصارى ، وهو يحتمل أنواعاً من الحجة : أن اليهود كانوا يعادونه ويقصدونه بالسوء ، فما قدر على الاضرار بهم ، وكان أنصاره وصحابته يحبونه فما قدر على إيصال نفع من منافع الدنيا إليهم ، والعاجز عن الاضرار والنفع كيف يعقل أن يكون إلۤهاً . الثاني : أن مذهب النصارى أن اليهود صلبوه ومزقوا أضلاعه ، ولما عطش وطلب الماء منهم صبوا الخل في منخريه ، ومن كان في الضعف هكذا كيف يعقل أن يكون إلۤهاً . الثالث : أن إلۤه العالم يجب أن يكون غنياً عن كل ما سواه ، ويكون كل ما سواه محتاجاً إليه ، فلو كان عيسى كذلك لامتنع كونه مشغولاً بعبادة الله تعالى ، لأن الإلۤه لا يعبد شيئاً ، إنما العبد هو الذي يبعد الإلۤه ، ولما عرف بالتواتر كونه كان مواظباً على الطاعات والعبادات علمنا أنه إنما كان يفعلها لكونه محتاجاً في تحصيل المنافع ودفع المضار إلى غيره ، ومن كان كذلك كيف يقدر على إيصال المنافع إلى العباد ودفع المضار عنهم ، وإذا كان كذلك كان عبداً كسائر العبيد ، وهذا هو عين الدليل الذي حكاه الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام حيث قال لأبيه { لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً } [ مريم : 42 ] . ثم قال تعالى : { وَٱللَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } والمراد منه التهديد يعني سميع بكفرهم عليم بضمائرهم .