Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 10-10)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ترتيباً في غاية الحسن لأنهم لما زجروه وانزجر هو عن دعائهم دعا ربه أني مغلوب وفيه مسائل : المسألة الأولى : قرىء { إِنّى } بكسر الهمزة على أنه دعاء ، فكأنه قال : إني مغلوب ، وبالفتح على معنى بأني . المسألة الثانية : ما معنى مغلوب ؟ نقول فيه وجوه الأول : غلبني الكفار فانتصر لي منهم الثاني : غلبتني نفسي وحملتني على الدعاء عليهم فانتصر لي من نفسي ، وهذا الوجه نقله ابن عطية وهو ضعيف الثالث : وجه مركب من الوجهين وهو أحسن منهما وهو أن يقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعو على قومه ما دام في نفسه احتمال وحلم ، واحتمال نفسه يمتد ما دام الإيمان منهم محتملاً ، ثم إن يأسه يحصل والاحتمال يفر بعد اليأس بمدة ، بدليل قوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : { لَعَلَّكَ بَـٰخِعٌ نَّفْسَكَ } [ الكهف : 6 ] ، { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرٰتٍ } [ فاطر : 8 ] وقال تعالى : { وَلاَ تُخَـٰطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } [ المؤمنون : 27 ] فقال نوح : يا إلهي إن نفسي غلبتني وقد أمرتني بالدعاء عليهم فأهلكهم ، فيكون معناه إني مغلوب بحكم البشرية أي غلبت وعيل صبري فانتصر لي منهم لا من نفسي . المسألة الثالثة : فانتصر معناه انتصر لي أو لنفسك فإنهم كفروا بك وفيه وجوه أحدها : فانتصر لي مناسب لقوله مغلوب ثانيها : فانتصر لك ولدينك فإني غلبت وعجزت عن الانتصار لدينك ثالثها : فانتصر للحق ولا يكون فيه ذكره ولا ذكر ربه ، وهذا يقوله قوي النفس بكون الحق معه ، يقول القائل : اللهم أهلك الكاذب منا ، وانصر المحق منا .