Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 19-19)

Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعلم أنه تعالى ذكر قبل هذه الآية حال المؤمنين والمنافقين ، وذكر الآن حال المؤمنين وحال الكافرين ، ثم في الآية مسألتان : المسألة الأولى : الصديق نعت لمن كثر منه الصدق ، وجمع صدقاً إلى صدق في الإيمان بالله تعالى ورسله وفي هذه الآية قولان : أحدهما : أن الآية عامة في كل من آمن بالله ورسله وهو مذهب مجاهد قال : كل من آمن بالله ورسله فهو صديق ثم قرأ هذه الآية ، ويدل على هذا ما روي عن ابن عباس في قوله : { هُمُ ٱلصّدّيقُونَ } أي الموحدون الثاني : أن الآية خاصة ، وهو قول المقاتلين : أن الصديقين هم الذين آمنوا بالرسل حين أتوهم ولم يكذبوا ساعة قط مثل آل ياسين ، ومثل مؤمن آل فرعون ، وأما في ديننا فهم ثمانية سبقوا أهل الأرض إلى الإسلام أبو بكر وعلي وزيد وعثمان وطلحة والزبير وسعد وحمزة وتاسعهم عمر ألحقه الله بهم لما عرف من صدق نيته . المسألة الثانية : قوله : { وَٱلشُّهَدَاءُ } فيه قولان : الأول : أنه عطف على الآية الأولى والتقدير : إن الذين آمنوا بالله ورسله هم الصديقون وهم الشهداء ، قال مجاهد : كل مؤمن فهو صديق وشهيد وتلا هذه الآية ، جذا القول اختلفوا في أنه لم سمي كل مؤمن شهيد ؟ فقال بعضهم لأن المؤمنين هم الشهداء عند ربهم على العباد في أعمالهم ، والمراد أنهم عدول الآخرة الذي تقبل شهادتهم ، وقال الحسن : السبب في هذا الاسم أن كل مؤمن فإنه يشهد كرامة ربه ، وقال الأصم : كل مؤمن شهيد لأنه قائم لله تعالى بالشهادة فيما تعبدهم به من وجوب الإيمان ووجوب الطاعات وحرمة الكفر والمعاصي ، وقال أبو مسلم : قد ذكرنا أن الصديق نعت لمن كثر منه الصدق وجمع صدقاً إلى صدق في الإيمان بالله تعالى ورسله فصاروا بذلك شهداء على غيرهم القول الثاني : أن قوله : { وَٱلشُّهَدَاء } ليس عطفاً على ما تقدم بل هو مبتدأ ، وخبره قوله : { عِندَ رَبّهِمْ } أو يكون ذلك صفة وخبره هو قوله : { لَهُمْ أَجْرُهُمْ } وعلى هذا القول اختلفوا في المراد من الشهداء ، فقال الفراء والزجاج : هم الأنبياء لقوله تعالى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـؤُلاء شَهِيداً } [ النساء : 41 ] وقال مقاتل ومحمد بن جرير : الشهداء هم الذين استشهدوا في سبيل الله ، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " " ما تعدون الشهداء فيكم ؟ " " قالوا : المقتول ، فقال : " " إن شهداء أمتي إذاً لقليل ، ثم ذكر أن المقتول شهيد ، والمبطون شهيد ، والمطعون شهيد " " الحديث . واعلم أنه تعالى لما ذكر حال المؤمنين ، أتبعه بذكر حال الكافرين فقال : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَحِيمِ } . ولما ذكر أحوال المؤمنين والكافرين ذكر بعده ما يدل على حقارة الدنيا وكمال حال الآخرة فقال :