Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 58, Ayat: 13-13)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والمعنى أخفتم تقديم الصدقات لما فيه من إنفاق المال ، فإذ لم تفعلوا ما أمرتم به وتاب الله عليكم ورخص لكم في أن لا تفعلوه ، فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات . فإن قيل : ظاهر الآية يدل على تقصير المؤمنين في ذلك التكليف ، وبيانه من وجوه أولها : قوله : { أأشفقتم أَن تُقَدّمُواْ } وهو يدل على تقصيرهم وثانيها : قوله : { فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ } وثالثها : قوله : { وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } قلنا : ليس الأمر كما قلتم ، وذلك لأن القوم لما كلفوا بأن يقدموا الصدقة ويشغلوا بالمناجاة ، فلا بد من تقديم الصدقة ، فمن ترك المناجاة يكون مقصراً ، وأما لو قيل بأنهم ناجوا من غير تقديم الصدقة ، فهذا أيضاً غير جائز ، لأن المناجاة لا تمكن إلا إذا مكن الرسول من المناجاة ، فإذا لم يمكنهم من ذلك لم يقدروا على المناجاة ، فعلمنا أن الآية لا تدل على صدور التقصير منهم ، فأما قوله : { أَءشْفَقْتُمْ } فلا يمتنع أن الله تعالى علم ضيق صدر كثير منهم عن إعطاء الصدقة في المستقبل لو دام الوجوب ، فقال هذا القول ، وأما قوله : { وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } فليس في الآية أنه تاب عليكم من هذا التقصير ، بل يحتمل أنكم إذا كنتم تائبين راجعين إلى الله ، وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ، فقد كفاكم هذا التكليف ، أما قوله : { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } يعني محيط بأعمالكم ونياتكم .