Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 140-140)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
في الآية مسائل : المسألة الأولى : أنه تعالى ذكر فيما تقدم قتلهم أولادهم وتحريمهم ما رزقهم الله . ثم إنه تعالى جمع هذين الأمرين في هذه الآية وبين ما لزمهم على هذا الحكم ، وهو الخسران والسفاهة ، وعدم العلم ، وتحريم ما رزقهم الله ، والافتراء على الله ، والضلال وعدم الاهتداء ، فهذه أمور سبعة وكل واحد منها سبب تام في حصول الذم . أما الأول : وهو الخسران ، وذلك لأن الولد نعمة عظيمة من الله على العبد ، فإذا سعى في إبطاله ، فقد خسر خسراناً عظيماً لا سيما ويستحق على ذلك الإبطال الذم العظيم في الدنيا ، والعقاب العظيم في الآخرة . أما الذم في الدنيا فلأن الناس يقولون قتل ولده خوفاً من أن يأكل طعامه وليس في الدنيا ذم أشد منه . وأما العقاب في الآخرة ، فلأن قرابة الولادة أعظم موجبات المحبة فمع حصولها إذا أقدم على إلحاق أعظم المضار به كان ذلك أعظم أنواع الذنوب ، فكان موجباً لأعظم أنواع العقاب . والنوع الثاني : السفاهة وهي عبارة عن الخفة المذمومة ، وذلك لأن قتل الولد إنما يكون للخوف من الفقر ، والفقر وإن كان ضرراً إلا أن القتل أعظم منه ضرراً ، وأيضاً فهذا القتل ناجز وذلك الفقر موهوم فالتزام أعظم المضار على سبيل القطع حذراً من ضرر قليل موهوم ، لا شك أنه سفاهة . والنوع الثالث : قوله : { بِغَيْرِ عِلْمٍ } فالمقصود أن هذه السفاهة إنما تولدت من عدم العلم ولا شك أن الجهل أعظم المنكرات والقبائح . والنوع الرابع : تحريم ما أحل الله لهم ، وهو أيضاً من أعظم أنواع الحماقة ، لأنه يمنع نفسه تلك المنافع والطيبات ، ويستوجب بسبب ذلك المنع أعظم أنواع العذاب والعقاب . والنوع الخامس : الافتراء على الله ، ومعلوم أن الجراءة على الله ، والافتراء عليه أعظم الذنوب وأكبر الكبائر . والنوع السادس : الضلال عن الرشد في مصالح الدين ومنافع الدنيا . والنوع السابع : أنهم ما كانوا مهتدين ، والفائدة فيه أنه قد يضل الإنسان عن الحق إلا أن يعود إلى الاهتداء ، فبين تعالى أنهم قد ضلوا ولم يحصل لهم الاهتداء قط فثبت أنه تعالى ذم الموصوفين بقتل الأولاد وتحريم ما أحله الله تعالى لهم بهذه الصفات السبعة الموجبة لأعظم أنواع الذم ، وذلك نهاية المبالغة .