Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 158-158)
Tafsir: ʿArāʾis al-bayān fī ḥaqāʾiq al-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قرأ حمزة والكسائي : { يَأْتِيهُمُ } بالياء وفي النحل مثله ، والباقون { تَأْتِيَهُمُ } بالتاء . واعلم أنه تعالى لما بين أنه إنما أنزل الكتاب إزالة للعذر ، وإزاحة للعلة ، وبين أنهم لا يؤمنون ألبتة وشرح أحوالاً توجب اليأس عن دخولهم في الإيمان فقال : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاّ أَن تَأْتِيهُمُ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ } ونظير هذه الآية قوله في سورة البقرة : { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مّنَ ٱلْغَمَامِ } [ البقرة : 210 ] ومعنى ينظرون ينتظرون وهل استفهام معناه النفي ، وتقدير الآية : أنهم لا يؤمنون بك إلا إذا جاءهم أحد هذه الأمور الثلاثة ، وهي مجيء الملائكة ، أو مجيء الرب ، أو مجيء الآيات القاهرة من الرب . فإن قيل : قوله : { أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ } هل يدل على جواز المجيء والغيبة على الله . قلنا : الجواب عنه من وجوه : الأول : أن هذا حكاية عنهم ، وهم كانوا كفاراً ، واعتقاد الكافر ليس بحجة ، والثاني : أن هذا مجاز . ونظيره قوله تعالى : { فَأَتَى ٱللَّهُ بُنْيَـٰنَهُمْ } [ النحل : 26 ] وقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ } [ الأحزاب : 57 ] والثالث : قيام الدلائل القاطعة على أن المجيء والغيبة على الله تعالى محال ، وأقربها قول الخليل صوات الله عليه في الرد على عبدة الكواكب { لا أُحِبُّ ٱلأَفِلِينَ } [ الأنعام : 76 ] . فإن قيل : قوله : { أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ } لا يمكن حمله على إثبات أثر من آثار قدرته ، لأن على هذا التقدير : يصير هذا عين قوله : { أو يأتي ربك } فوجب حمله على أن المراد منه إتيان الرب . قلنا : الجواب المعتمد أن هذا حكاية مذهب الكفار ، فلا يكون حجة ، وقيل : يأتي ربك بالعذاب ، أو يأتي بعض آيات ربك وهو المعجزات القاهرة . ثم قال تعالى : { يَوْمَ يَأْتِى بَعْضُ ءَايَـٰتِ رَبّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءامَنَتْ مِن قَبْلُ } وأجمعوا على أن المراد بهذه الآيات علامات القيامة ، عن البراء بن عازب قال : كنا نتذاكر أمر الساعة إذ أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما تتذاكرون ؟ قلنا : نتذاكر الساعة قال : " " إنها لا تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات : الدخان ، ودابة الأرض ، وخسفاً بالمشرق ، وخسفاً بالمغرب وخسفاً بجزيرة العرب ، والدجال وطلوع الشمس من مغربها ، ويأجوج ومأجوج ، ونزول عيسى ، ونار تخرج من عدن " " وقوله : { لَمْ تَكُنْ ءامَنَتْ مِن قَبْلُ } صفة لقوله : { نَفْساً } وقوله : { أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَـٰنِهَا خَيْرًا } صفة ثانية معطوفة على الصفة الأولى ، والمعنى : أن أشراط الساعة إذا ظهرت ذهب أوان التكليف عندها ، فلم ينفع الإيمان نفساً ما آمنت قبل ذلك ، وما كسبت في إيمانها خيراً قبل ذلك . ثم قال تعالى : { قُلِ ٱنتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ } وعيد وتهديد .